أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : إضاءة في طريق القيام بأي مشروع

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أفكر في إقامة مشروع خاص في مجال المواد الطبيعية، وأدعو الله دائماً أن ييسر لي جميع أمور هذا المشروع، ولكن حتى الآن كل محاولاتي التي قمت بها في سبيل إنشاء هذا المشروع باءت بالفشل، والسؤال هو: هل هذا يعني أن الله لم يكتب النجاح لي في إقامة هذا المشروع، مع أن النية من ورائه هي الكسب الحلال لتحسين أمور الدين والدنيا بإذن الله، مع العلم أني استخرت الله في هذا الأمر؟ فإذا كان الجواب بنعم، فأين هذا من الإصرار والمثابرة لتحقيق الهدف. والتفاؤل بالخير كما أوصانا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: (تفاءلوا بالخير تجدوه)، واذا كان الجواب ب"لا"، فهل استمر بالمحاولة؟ أرشدوني وفقكم الله
والسلام عليكم.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن ييسر أمرك ويوسع رزقك، وأن يقدّر لك الخير حيثما كان، وأن يرزقك الرضا به.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه مما لا شك فيه أن المسلم مُطالبٌ بالأخذ بالأسباب، والسعي في الأرض، والبحث عما يصلحه ويحسن من مستوى معيشته، وذلك كله عملاً بقوله تعالى: (( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ))[الملك:15]، وغير ذلك من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تقدر العلم وتعلي من شأنه، وتعتبره عبادة من العبادات، وعلى الإنسان أن يسعى في البحث عما يناسب ظروفه، ويتفق مع إمكاناته وقدراته، فإذا قدّر الله له التوفيق في مساعيه، فهذا ما يريده الإنسان ويسعى اليه، إلا أنه أحياناً قد يلج الإنسان مجالاً فيه قدرٌ كبير من المخاطرة، أو عدم وضوح الرؤية، مما يترتب عليه الإخفاق المتكرر أحياناً.

ورغم ذلك نجد أن الإسلام لم يحدد عدداً للتجارب التي يقوم بها الإنسان لإنجاح مشروع يتصور أن فيه النفع والفائدة له ولأسرته، فعلى المسلم أن يواصل البحث والمتابعة والدراسة حتى يتحقق له ما يريد من خير الدنيا والآخرة.

وعليه كذلك أن يأخذ بأسباب البحث والسعي المشروع؛ حتى لا يضيع وقته وعمره بلا فائدة، وعليه أن يستشير ذوي الخبرة والكفاءة في المجال المراد الشروع فيه، وأن يدرس المشروع دراسة متأنية وهادئة، وألا يهمل تجارب الآخرين وخبراتهم، وأن يبدأ من حيث انتهى الناس، وفوق ذلك يواصل الدعاء والإلحاح على الله أن يقدر له الخير حيثما كان، وأن يجعل الاستخارة نصب عينيه لِعظم فائدتها في واقع الحياة العملي، فإذا أخذ بالأسباب الممكنة، وأكثر من الدعاء، وقدم الاستخارة قبل الشروع في ذلك، ثم جاءت الأمور على عكس ما يُريد، فلا مانع من أن يكرر المحاولة إلى الحد الذي تتوافر به لديه قناعة بعدم جدوى التكرار، لاحتمال أن يكون هذا المشروع فيه من الضرر الخفي على دينه ودنياه ما لا يمكن إدراكه خلال هذه المرحلة، وكما ورد في الأثر: (وإن من عبادي من يطلب باباً من الخير فأكفه عنه لئلا يدخله العجب)، فكم من مشاريع تبدو لنا رائعة ومربحة وممتازة، ولكن ورائها ما وراءها، فأقول لأخي وليد: نعم، هذا وارد، وهو أن الله يصرفك عن المشروع لحكمةٍ يعلمها سبحانه، وقد تكون التجارب التي بذلتها دون المطلوب، فإذا كان ما زال لديك الهمة لإعادة وتكرار المحاولة فلا مانع من ذلك شرعاً، ولكن عليك بتكرار الاستخارة والاستشارة حتى يفتح الله لك، أو تتوفر لديك القناعة بالعدول عن هذا المشروع والبحث عن غيره، وكم أتمنى أن تطلع على تفسير قصة سيدنا يوسف في سورة يوسف، وكذلك قصة سيدنا موسى مع العبد الصالح في سورة الكهف، حيث كان يفعل أفعالاً هي في ظاهرها مخالفة لعموم الشريعة، إلا أنها كانت الموافقة للحقيقة والنفع، فقد يصرفك الله عن ذلك رحمةً بك وشفقةً عليك، لاحتمال أن يكون هذا المشروع سبباً في إضعاف دينك أو ذهاب إيمانك أو غير ذلك، إلا أن هذا لا يمنع من تكرار المحاولة كما ذكرت لك ما دامت لديك الرغبة في ذلك والقدرة عليه، وإلا فلا مانع من البحث عن مشاريع أخرى، لعل وعسى أن يجعل الله رزقك فيها.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق، وسعه الرزق، وسعادة الدارين.



أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...