أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : فقدت عضوي الذكري والخصيتين فأصبحت حياتي بلا معنى.. هل هذه عقوبة؟ وما توجيهكم؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أتمنى أن تجيبوني، فأنا أنتظر جوابكم بفارغ الصبر.

أنا شاب أعزب، عمري حاليًا 30 عامًا، وكنت من الممارسين للاستمناء، ثم حدَثتْ لي في يوم من الأيام حادثة، وأُصبتُ تمامًا في عضوي الذكري والخصيتين بالكامل، ولا أحد يعرف بأني أصبت في عضوي الذكري إلا الطبيب المسلم المتدين الذي كشفتُ عنده، وقال لي: إنني لن أستطيع الزواج إطلاقًا في حياتي.

بعد ذلك كرهت حياتي كلها، وأصبحت لا أريد أن أعمل في أي وظيفة، وأصبحت بلا طموح في حياتي، وخصوصًا في المجال الوظيفي، وحتى إن فكرت أن أعمل فإنني سأعمل في عمل حلال، ولكنه دون المستوى.

وهنا تراودني العديد من الهموم والمشاكل والأفكار، أطرحها بين أيديكم لتجدوا لي حلًا:

1- هل ما حدث لي هو عقاب من الله -سبحانه وتعالى-؛ لأني كنت من الذين يمارسون الاستمناء أم ماذا؟

2- أصبحت أعيش حياتي مهمومًا، وأحمل همّ أن يعرف أحد بما حدث لي، حيث بالإضافة إلى الشعور بالنقص الذي أشعر به بداخلي، فسوف أشعر به أكثر حينما يعرف الناس، وسوف أسمع الكلام الجارح والفظيع منهم، وحينها لا أعرف ماذا سأفعل إن عرف أحد بذلك، فقد تحدثني نفسي بالانتحار؛ لأنني لا أستطيع أن أعيش بين الناس، ولا أستطيع أن أتحمل كلامهم الذي سيقتلني من الداخل.

3- ماذا أقول لأبي وأمي وللناس حينما يفاتحونني في موضوع الزواج، ويقولون لي ألَا ترغب في الزواج أم أنك لسْتَ رجلًا؟

أفيدوني، وجزاكم الله خيرًا.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رياض حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكما يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

أسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء وأن يعوضك خيراً عما فقدت، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد في رسالتك -أخي الكريم الفاضل-، فإني أحب أن أبين لك عدة أمور:

الأمر الأول: إن الله- جل جلاله- جواد كريم، وإن الله -تبارك وتعالى- عفوٌّ غفور، وأنّ ما أصابك ليس بلازم أن يكون عقاباً لهذه المعصية؛ لأن الله -جل جلاله- لا يعاجل عبده بالعقوبة إلا إذا كان يحبه، والذي يحدث للإنسان لا يلزم أن يكون من باب العقوبة، فقد يكون نوعاً من الابتلاء والامتحان والاختبار، قدره الله -تبارك وتعالى- قبل خلق السموات والأرض، سواء كنت تمارس الاستمناء أم لم تمارسه، هذا الذي أحببتُ أن أذكرك به أولاً، وأن أنبهك على أن الذي حدث قد لا يلزم أن يكون عقاباً لهذه المعصية.

الأمر الثاني: بارك الله فيك، إن الأطباء ليسو أنبياء ولا رسلًا؛ بمعنى أنهم ليسو معصومين من الكذب، وليسوا معصومين من الخطأ، المعصوم فقط هم الأنبياء والرسل -أخي الكريم المبارك-؛ ولذلك هذا الطبيب المتدين الذي أخبرك بالحقيقة لا يلزم أن يكون صادقاً، قد يكون هذا مبلغ علمه، ولكن ما المانع من أن تبحث عن طبيب آخر، ولو بعيدًا عن محل إقامتك، وأن تعرض نفسك عليه.

ثالثاً: الطب يتقدم مع الأيام -أخي الكريم-، وكم من حالات كانت في حكم المستحيلة أصبحت الآن وبفضل الله -تعالى- واقعاً ميسوراً، ويسر الله أمورًا لم يكن يتوقعها أحد، فلا أريدك أن تغلق أبواب الأمل وأبواب الرجاء في الجليل -سبحانه وتعالى جل جلاله-، ولكن الذي أريده منك أن تتوقف عن هذه المعصية نهائياً حياء من الله -تبارك وتعالى-، هذا أولاً، حتى وإن كنت الآن قد أصبحت غير قادر عليها عملياً إلا أنك تحتاج إلى أن تقول: يا رب إني تائب إليك من هذا الذنب، وتاركه حياءً منك، وابتغاء مرضاتك، فتُبْ عليّ، ولا تحرمني أجر التائبين، حتى وإن كنت لا تستطيع، فالتوبة ليس معناها التوقف عن الذنب فقط، وإنما تركه حياءً من الله -تبارك وتعالى-.

الذي أنصحك به -بارك الله فيك-، محاولة البحث عن حل -كما ذكرت لك-، وسؤال أطباء آخرين، ولا تيأس، ولا تتوقف عند محطة واحدة، وأنا واثق أن الله- تبارك وتعالى- لن يخيب ظنك فيه.

أخيراً: عليك بالدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- أن يجعل لك مخرجًا، وثق وتأكد أن الله -تبارك وتعالى- بشرك بقوله: {ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، فالله -تبارك وتعالى- كريم جواد، لن يُخيّب ظنك فيه، ولن يُضيّع رجاءك سدى ما دمت قد أحسنت الظن به، وأحسنت التوكل عليه، وصَدَقتَ في العودة إليه.

أتمنى أن تعيش بهذه الروح العالية، وأن تترك عنك هذا الخمول وهذا الكسل؛ لأن هذا لن يفيدك في شيء، هذه إنما هي وسيلة من وسائل تدمير نفسك، يزينه الشيطان لك؛ حتى يقضي عليك نهائياً، ثق وتأكد أنه ما من داء إلا له دواء، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن كما قال: (علمه من علمه وجهله من جهله).

ثق وتأكد أن أبواب الرحمة أوسع مما تتصور، وأن الله -تبارك وتعالى- على كل شيء قدير، وأن أمره بين الكاف والنون، فألحّ عليه بالدعاء، واجتهد في ذلك واجتهد في الطاعة والاستقامة، وأعلم أن الله -تبارك وتعالى- يحيي العظام وهي رميم، وأمرك أسهل مما تتصور -أخي الحبيب بارك الله فيك-، فقط يحتاج منك إلى تعديل المسار، وتصحيح العلاقة مع الله -تبارك وتعالى-، والاستقامة على منهج الله، والإكثار من الطاعات، وإياك ثم إياك من التكاسل، أو الخذلان، أو الضعف، أو التماوت، أو الانعزال عن العالم؛ فإنك بذلك تدمر نفسك وتأتي على الخير الباقي في حياتك.

أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعل لك من كل ضيق فرجاً، ومن كل همّ مخرجاً، وأن يعيد إليك ما فقدت، وأن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يمنّ عليك بحياة آمنة مستقرة، وأن يسترك بستره الذي لا ينكشف في الدنيا ولا في الآخرة إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...