أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف أرشد المحبة التي فيّ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة مع قلبي، لا أستطيع أن أحب باعتدال! فمثلاً أنا أحب أمي كثيراً ولا أستطيع أن أتخيل مفارقتها تخيلاً، وأحب أخي الصغير جداً، وصار لي سبع سنين أعتني به وينام بقربي، وهو يحبني كثيراً، وكلما جاءني خاطب ينزعج كثيراً ويخاف أن أفارقه!

قد أخبرته منذ كم يوم أننا سننام كل على سرير عندما يصبح عمره 10 سنوات، وهو الآن 8 سنوات، فكان رد فعله عنيفاً.

أنتم تعلمون أوضاعنا بالشام، يذهب إخوتي إلى المدرسة وأبي إلى العمل ولا أدري إن كنت سأراهم ثانية أم سيحصل لهم مكروه -لا سمح الله-

أنا عندما أحب أحب بإخلاص شديد، أيا كان الشخص، حتى إني كنت أطعم قططاً من نافذة مطبخي إلى السطح المجاور، وفي يوم وقع عليهم البناء وحزنت.

سمعت حديث النبي عليه الصلاة والسلام أحبب من شئت فإنك مفارقه، ربما لم أفهمه أو لم أعرف كيف أطبقه؟

دافع الحب هو الذي يحركني لمساعدة الآخرين دائماً، ساعدوني، أريد دواء للحب.

شكراً جزيلاً لكم.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبيبة أمة الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله أن يُعيد لأحبابنا ولأهلنا في سوريا الأمن والأمان والطمأنينة والسعادة، وأن يُعيد لهذا الولد الطيب المبارك معاني الأمن والراحة والسعادة، وأن يجمع الشمل، وأن يؤمِّن الخائفين، وأن يداوي الجرحى، وأن يرحم الشهداء، وأن يعجل بالفرج والنصر لهم ولإخواننا المستضعفين في كل مكان.

نرحب بك ابنتنا في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة تجاه الوالد وتجاه هذا الأخ، وتجاه هذه الحيوانات الأليفة الضعيفة، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وندعوك إلى أن تجعلي حب الله تبارك وتعالى هو المسيطر على قلبك، وأن تنطلقي في جميع هذه المحاب من حبك لله تبارك وتعالى.

إن الحب كلمة جميلة، وعلى الحب في الله تقوم نواميس الكون – كما قال ابن القيم رحمة الله عليه – وإذا أحب الإنسان في الله ولله وعلى مراد الله تبارك وتعالى، فهذا لا مانع منه، هناك نوع من الحب طبيعي كحب الإنسان للصغير، وكحب الإنسان لوالديه، وكحب الإنسان لإخوانه، هذه أمور طبيعية ولا عيب فيها، ولكن - كما قلت – ينبغي أن يكون كل ذلك بمقدار، فلا تطغى حب هذه الأشياء على حب الله، ولا تطغى حب هذه الأشياء على حب النبي – عليه صلاة اللهِ وسلامه – ولا يطغى هذا الحب على حب الفضيلة والخير.

لذلك هذا هو المعنى الذي ينبغي أن تنتبهي إليه، فليس الإشكال أن يُحب الإنسان هذه الأشياء، ولكن الإشكال – كما أشرتِ – في طغيان هذا الحب.

نحن نتمنى (مثلاً) بالنسبة لهذا الشقيق الصغير أن تتركيه بعد أن ينام، تذهبي إلى فراش آخر حتى يتدرب، وعندما يعود الأمن تحاولي في يوم من الأيام أن تنامي عند خالتك أو عمتك بعيدًا عنه، سيـتألم لكنه لابد أن يتعود، لأن من مصلحته أن يتعود هذا الفراق، ومن مصلحته أن يعتاد أن ينام وحده، فليس له مصلحة وليس لك مصلحة في هذا الالتصاق والنوم بهذه الطريقة، بعد هذه المدة الطويلة.

نحن (حقيقة) نشكر لك هذه المشاعر النبيلة، فإن الطفل لا يمكن أن يحب إلا لمن تستحق الحب، إلا من تهتم به وترعاه وتُشفق عليه، لكن من الشفقة عليه أن ننصح له، ومن الشفقة عليه أن نربيه على معاني هذا الدين العظيم، ومن الشفقة عليه أن نقسو عليه أحيانًا لينتفع ويستفيد في مستقبل حياته، فإن الحياة قاسية.

ما كل ما يتمناه المرء يُدركه، وكما قلت (أحبب من شئتَ فإنك مفارقه) فهذا الفراق بين الجمع بين اللقاء هو طبيعة هذه الدنيا، ولذلك نتمنى أن تهتمي بهذه الجوانب، أولاً تعمقي في نفسك حب الله، تجعلي حبك للآخرين متساويًا، توزعي هذا الحب على أعداد كبيرة من محارمك وأخواتك والزميلات.

أيضًا أن يكون حبك معتدلاً، بحيث لا يطغى على المعاني الأصلية، وينبغي أن تُحبي كل من حولك، وتزيدي في محبة من يُطيع الله تبارك وتعالى وتتقيه، وتكرهي في العصاة معصيتهم لله تبارك وتعالى، فالإنسان مثلاً يحب والدته ويجب عليه أن يحبها ويُطيعها، لكنه يزيد في حبها إذا كانت مطيعة لله، وتحب زوجها، ولكنها تزيد في حب زوجها، وحُق لها أن تبالغ في حب زوجها إذا كان مطيعًا لله تبارك وتعالى، فمن المهم أن يكون حب الإنسان وُفق مراد الله تبارك وتعالى، فنحبُّ ما يُحبّ الله، وتكون محابنا تسير في هذا الاتجاه مع كل أمر يُحبه الله تبارك وتعالى ويرضاه سبحانه وتعالى.

ينبغي للإنسان أن يدرك أن هذه الحياة لا تدوم على حال ولا تدوم على وضع، ومن المتوقع من يأتيك ليأخذك إلى داره فتكونين زوجة له، وعند ذلك حتى لا يُصدم هذا الطفل، ينبغي أن نُعْلِمْه أنه سيكون هناك فراق في يوم من الأيام، فينبغي أن يُدرب على ذلك الفراق بافتراقك عنه بعض الساعات، وكذلك البعد عنه يكون بالتدرج، وبالدعاء وبالتحفيز وبالتشجيع له.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك وأمره وأمر أهلنا في سوريا، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

نشكر لك هذه المشاعر النبيلة الفياضة، وهكذا ينبغي أن تكون المرأة هي مصدر الحب لإخوانها ولزوجها ولوالديها ولمن حولها، وحتى للحيوانات التي معها، وهذه رحمة جعلها الله في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...