أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : انتابتني حالة اكتئاب بعد فشل علاقاتي العاطفية مع الفتيات..أرشدوني

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا مراهق كجميع المراهقين، أحب مرافقة الفتيات، أعتني بجمال مظهري، ولدي إرادة دائمة لخوض تجارب عاطفية، وكنت أوفق فيها وأستمتع، إلا أنني مؤخرا لم أعد أستطع الدخول في علاقات حميمية، ودخلت في حالة اكتئاب، حيث أظن أنني قبيح، مع العلم أنني أشعر بأنني شخص جميل، لكني لست راضيا عن نفسي، وهذا يشكل لي هاجسا سلبيا، فكيف أتغلب عليه؟

أعتذر منكم لسوء تعبيري اللغوي، وشكرا جزيلا.

مدة قراءة الإجابة : 10 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا لك على السؤال يا أيها الشاب.

أشعر أنك كتبت تسأل عن الاكتئاب، وأنا ذهني ذهب لجانب آخر، ربما أكثر أهمية في حنايا سؤالك، إن سمحت لي.

هل في هذا الاكتئاب الذي شعرت به مؤخرا رسائل إلهية عن ضرورة تغيير السلوك السابق الذي كنت تقوم به من مرافقة الفتيات، وإقامة "العلاقات الحميمية"؟!

وهل عدم الرضا عن النفس الذي تشعر به إنما هو بسبب رفضك العميق الداخلي لإقامة مثل هذه العلاقات، والتي لاشك أنك كنت، وما زلت ربما، تشعر أنها علاقات غير مناسبة للشاب المسلم؟!

إن كل فعل له ردّ فعل في هذه الحياة، فالعيش بالطريقة التي تخالف الفطرة البشرية، وتخالف إيمان الإنسان، ومعتقداته الدينية، إن هذا النمط من العيش عاجلا أو آجلا قد يدفع الإنسان ثمنه، إما في جسده أو نفسه، أو مشاعره وعواطفه، فالله تعالى قد أرشدنا للطريقة السليمة للعيش الكريم: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}(الملك:14)، ويقول تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} (طه:124).

وقد لاحظت أن اسمك من اسم هذه السورة التي فيها هذه الآية الكريمة، فهل هناك رسالة لك للاتعاظ والتدبّر؟!

اطمئن يا طه، فإن الاكتئاب الذي تشعر به الآن، وكذلك عدم الرضا سيزول، وتعود ربما لما كنت عليه من قبل، ولكن تغيير السلوك، والاستقامة من شأنها أن تضمن هذا التحسّن، وما هو إلا وقت قصير حتى تشعر بنشاطك المعتاد، ولاشك أن الرياضة من شأنها أن تعينك كثيرا، وخاصة أنك في هذا السن الصغير كونك 16 عاما، فالرياضة بحدّ ذاتها مضادة للاكتئاب والفتور.

واحرص أيضا على رفقاء الخير والصلاح.

حفظك الله، وحفظ كل شباب المسلمين، ووجهك الوجهة الصحيحة، وها نحن في النصف الأول من شهر شعبان، وما هي إلا أيام ويطل علينا شهر الخير والعطاء والكرم... رمضان.

والله الموفق.
+++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة الشيخ موافي عزب مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
++++++++++++++++++++++++++++++

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يُكثر من أمثالك. كما نسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابني الكريم الفاضل – من أنك مراهق كجميع المراهقين وتحب مرافقة فتاة وتعتني بجمالك، ولك رغبة في إقامة علاقات كثيرة مع الفتيات، إلا أنك دخلت في حالة اكتئاب – كما ذكرت – وأصبح عندك نوع من الظنون والاكتئاب أو الشعور بأنك قبيح، رغم أنك إنسان كريم جميل، وأصبحتَ لست راضيًا عن نفسك، وتقول إن هذا يشكل لك هاجسًا سلبيًا، كيف تتغلب عليه؟

أقول لك – ابني الكريم الفاضل – إنه مما لا شك فيه أن هذه الحالة التي تتحدث عنها وهذا الشعور بالاكتئاب الذي ذكرته في رسالتك إنما هو نتيجة طبيعية لهذه التصرفات التي تفعلها أنت الآن، فأنت الآن - كما ذكرت – تحب أن تخوض في إقامة علاقات عاطفية مع الفتيات، وهذا أمر كما تعلم شرعًا ليس مرضيًا ولا مقبولاً من الله تبارك وتعالى، ولذلك ترتب عليه – يا بُنيَّ – أن الله تعالى بدأ يعاقبك بحرمانك من الاستقرار وحرمانك من الأمن والأمان، لأن الذي تفعله أنت لا ترضاه لإحدى أخواتك، فلو سألتك سؤالاً الآن: هل ترضى أن يقيم أحد الشباب علاقة مع إحدى أخواتك؟ قطعًا سوف تقول لا.

أقول لك – ابني الكريم الفاضل – كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك) لأنك ما دمت لا ترضى لغيرك أن يقيم علاقة مع إحدى أخواتك فينبغي عليك أن تكون صادقًا مؤمنًا وفيًّا تعلم أن الله تبارك وتعالى لا يحب مثل هذه المعاصي، ولا يحب تلك المنكرات، وما لا ترضاه لنفسك لا ينبغي أبدًا أن ترضاه لغيرك – ابني الكريم طه – وهذا الذي ذكرته أنت الآن – ولدي الكريم – إنما هو نوع من عقاب الله تبارك وتعالى لك، لأن الله تبارك وتعالى أمهلك، والله تبارك وتعالى ستر عليك، ولكنك لا تستحي منه رغم أنك إنسان محترم، ورغم أنك شاب صالح، والدليل على ذلك أنك تتصل بهذا الموقع الذي تعلم أنه موقع إسلامي، وأنه موقع يعالج القضايا من منظور إسلامي، واتصالك بنا يدل على أنك على خير، ولذلك أنا أتمنى بارك الله فيك أن تترك هذه العلاقات كلها وأن تأخذ قرارًا بالتوقف عنها حياءً من الله وابتغاء مرضاة الله تعالى، لأن مثل هذه العلاقات – يا ولدي – لن تزيدك من الله تعالى إلا بُعدًا، وستؤثر على مستواك العلمي ومستواك الإيماني، وقطعًا ستشوه صورتك، لأنه كما ذكر ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما – أن للمعاصي سوادا في الوجه – والعياذ بالله – وظلمة في القلب، فكلما ارتكبت معصية أو أقمت علاقة محرمة كلما أدى ذلك إلى تشوه صورتك حتى وإن كنت جميلاً.

ولذلك الذي أنصحك به أولاً – ولدي الكريم الفاضل طه – أن تتوقف عن هذه العلاقات كلها حياء من الله وابتغاء مرضاة الله، وأن تعلم أن الذي تفعله في بنات الناس وفي بنات المسلمين قد يسلط الله عليك من يفعله في أقرب الناس إليك وأنت لا تعلم، وقد تعلم ولكنك لن تستطيع أن تصنع شيئًا.

ولقد نهاك الله تعالى عن النظر إلى المرأة الأجنبية عنك، فيكون أدعى أن ينهاك عن أكثر من ذلك، وهي العلاقات المحرمة معهنَّ، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم –: (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء) وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم – عن الدخول على النساء، وقال: (إياكم والدخول على النساء) وغير ذلك مما لا يُباح للرجل تجاه المرأة الأجنبية عنه.

ثانيًا: أتمنى أن تجتهد في أن تحافظ على الصلاة في جماعة، لأن المحافظة على الصلاة في جماعة والمحافظة على الطاعة يعينك على طاعة الله تبارك وتعالى ويجعلك قريبًا من الله جل جلاله، وكم أتمنى أن تحافظ على أذكار الصباح والمساء، حتى يحفظك الله تبارك وتعالى من كيد الشيطان الرجيم، كما أتمنى أن تجعل لك وردًا من القرآن الكريم يوميًا تقرأه، لأن القرآن هو حبل الله المتين وهو نوره المبين، وأنت عندما تقرأ شيئًا من القرآن يوميًا – ولدي طه – فثق وتأكد أن هذه الإرادة وتلك الرغبة سوف تتلاشى بإذن الله تعالى.

ثالثًا: أنصحك كذلك بالبحث عن صحبة صالحة تعينك وتأخذ بيدك إلى رضوان الله والجنة، فابحث لك عن صحبة صالحة من الشباب الصالح، واربط نفسك معهم ربطًا وقويًّا، واحشر نفسك في زمرتهم، وحاول أن تتعاون معهم على طاعة الله تعالى، وأن تتعلم قدرًا من العلم الشرعي، وحاول أن تمارس الدعوة – دعوة غيرك من الشباب – إلى الله سبحانه وتعالى، لأن انشغالك بالدعوة سيؤدي إلى حفظك من الوقوع في المعاصي بإذن الله تعالى.

فأتمنى - بارك الله فيك - أن تُدخل هذه التعديلات على حياتك، وأن تتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء، وأن تعلم أن الله تبارك وتعالى لن يخيب ظنك فيه، لأنه أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة، وكم أتمنى أن تضع أمامك هدفًا كبيرًا أن تكون عالمًا متميزًا، تحصل على درجات متقدمة في دراستك حتى تخدم دينك وتخدم أمتك، لأن مثل هذه العلاقات التي تقيمها ستؤثر على مستواك العلمي، فحاول أن تفرغ هذه الأوقات للتميز العلمي حتى تكون من أولياء الله الصالحين ومن عباده المقربين، واعلم أن الله تبارك وتعالى سوف يكرمك في الدنيا وفي الآخرة بتقواك لله تعالى ومراقبته وحفظه في السر والعلانية، ولعلك تكون عالمًا كبيرًا في المستقبل تخدم دينك ودنياك، وتكون من المتميزين في أمور الدين والدنيا معًا، لأنك بذلك فرغت وقتك في شيء نافع الذي ينفعك الله تبارك وتعالى به في الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يكفيك شر نفسك والشيطان.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتوقف عن استحضار المواقف السلبية الماضية؟ 1659 الأحد 12-07-2020 03:14 صـ
عندما أغضب لا أستطيع كتمان غضبي نهائيا.. كيف أعالج نفسي؟ 973 الثلاثاء 07-07-2020 05:58 صـ
أصبحت أكره أخي لما يسببه من مشاكل، فماذا أفعل؟ 1185 الثلاثاء 07-07-2020 05:15 صـ
أمر بحالة ضياع وعدم تركيز فما سبب حالتي؟ وهل لها علاج؟ 1391 الاثنين 06-07-2020 04:22 صـ
أعاني من الانطواء وقلة الثقة بالنفس، فما أسباب ذلك؟ 2839 الاثنين 29-06-2020 09:32 مـ