أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل للوالدة رفض الخطيب لمجرد رؤيا رأتها؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد مساعدتكم, عمري 22, ‎وأنا قريبة من الله -والحمد لله- وأدعو كثيرًا, وأصلي السنن والقيام لله، عسى الله أن يكتبني من الذين يتقونه ويوفقني في حياتي، لكني لا أستطيع الصلاة عندما تأتيني حالات الإحباط وأبتعد عن كل أحد.

مشكلتي الثانية: لي 7 سنين أمارس العادة السرية, وأنا أشغل وقتي وأخفف منها، لكني عندما أكون محبطة تكثر مرات ممارستي لها, مع علمي بضررها وعقوبتها، وأشغل وقتي بقراءة القرآن, والدورات ، والمذاكرة ، وقراءة الكتب، ولا أخرج للأسواق كثيرًا لئلا أنظر للحرام، حتى التلفزيون لا أشاهد فيه إلا الأشياء المفيدة، بعيدة عن الأغاني، لكني لا أعلم ما أفعل لأني بعد ممارستها أشعر بضيق الدنيا كلها.

مشكلتي الأخيرة موضوع الزواج: فقد تقدم لي عدد من الخطاب,لكني لا أعلم لماذا لا يتم الزواج كل مرة، وأمي ترفض، ومنذ أقل من شهر تقدم لي شخص من عائلة معروفة ذو أخلاق وعلم ودين ومكانة، و سمعته طيبة، وكل ما أتمنى في أحلامي وجدته عنده! ولكن الوالدة حلمت بعد عدة استخارات بوالدها المتوفى, وهو يتحدث مع خالي، وخالي في الحلم قال: أبرار تقدم لها أناس فأشار له سيدي برأسه أنه غير موافق, مع أن والدتي كانت في الحلم, لكنها لم تتحدث بشيء, وسيدي كانت صحته جيدة.

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبرار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يعينك على التخلص من تلك العادة السيئة المحرمة المدمرة، وأن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك, عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإن الله قد منَّ عليك بنعم عظيمة جدًّا، نعمة الطاعة والاستقامة, وقراءة القرآن, والمحافظة على الصلاة، وأداء الفروض والسنن، وهذه كلها نعم عظيمة جدًّا - ابنتي أبرار – ولكني أتعجب: كيف مع هذه النعم العظيمة والعبادات الكبيرة الرائعة يضحك عليك الشيطان؟
الشيطان لا يضحك على الإنسان بهذه الصفة, إلا إذا كان الإنسان غير صادق في عبادته؛ لأن الصلاة لها نور, كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام – بقوله (والصلاة نور), وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من حافظ عليهنَّ – الصلوات الخمس المكتوبات – كُنَّ له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة).

فإذن ينبغي عليك أن تعيدي النظر في هذه المسألة؛ لأن وقوعك في المعصية بهذا الحجم الذي ذكرته, مع محافظتك على الطاعات بهذا الحجم الذي ذكرته أيضًا يدل على أن في حياتك قدرًا كبيرًا من التناقض، فإنك في حاجة إلى إعادة النظر مرة أخرى في علاقتك مع الله تبارك وتعالى، وأن تجتهدي في تحسين العبادة, وتحسين الطاعة, وفي الإكثار من الدعاء أن يقبلها الله منك, وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وتحتاجين أن تزيدي جرعة العبادة والطاعة حتى تُعاني على التخلص من هذه العادة المحرمة, التي كما ذكرت تصيبك بالإحباط عندما تفعلينها, وتشعرين بضيق الدنيا كلها, كما ذكرت.

أولاً: خذي قرارًا بالإكثار من مساحة العبادة والطاعة، وحاولي أن تشغلي معظم أوقات فراغك بالأشياء المفيدة النافعة.

ثانيًا: إذا شعرت بحاجتك إلى هذه المعصية فحاولي أن تطاردي هذه الفكرة، وإذا كنت وحدك فاجتهدي أن تخرجي مثلاً من غرفتك, أو من دورة المياه بسرعة، وأن تشغلي نفسك بشيء آخر، حتى تستطيعي أن تقاومي هذه الرغبة المحرمة.

أنا أعلم أن الأمر فيه مشقة, ولكنه ليس مستحيلاً، كثير من أخواتك المسلمات تركن هذه العادة رغم أنهنَّ كنَّ من المدمنات.

الأمر – ابنتي أبرار – يحتاج إلى قرار منك, وأنت قادرة على ذلك؛ لأن فيك صفات رائعة, وفيك ميزات عظيمة جدًّا يتمناها كل إنسان أن تكون في بناته, فأنا أرى -بارك الله فيك- أن تستفيدي من هذه الأعمال الصالحة التي عندك في أن تكون سببًا في تخلصك من هذه العادة المحرمة التي أشرت إليها، وكما قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون}.

كما ذكرت لك: أكثري من مساحة العبادة والطاعة؛ حتى تملئي معظم وقتك بالأشياء النافعة، اجتهدي في قراءة الكتب التي تؤدي إلى زيادة الإيمان في قلبك، خاصة كتب الرقائق, مثلاً كتاب (البحر الرائق) للشيخ أحمد فريد، وكذلك أيضًا كتاب (منهاج القاصدين), أو (مختصر منهاج القاصدين), أو كتاب (إحياء علوم الدين) للغزالي، مع مراعاة الروايات الضعيفة أو الأحاديث الموضوعة التي فيه، خاصة باب (الخوف من الله تعالى), وباب (الحب) وكذا، فهذه - إن شاء الله تعالى – سوف تجعلك تعانين -بحول الله وقوته- على مواصلة العبادة والطاعة, وعلى التخلص من تلك الصفة المرذولة، ولكن لابد من قرار قوي في التخلص منها، والإقلاع عنها حياءً من الله, وابتغاء مرضاته حتى تكوني من أهل الجنة.

فيما يتعلق بقضية الزواج أنا أقترح عليك -يا بنيتي- عمل رقية شرعية أولاً، فعليك بالرقية الشرعية، وتستطيعين أن تقومي برقية نفسك بنفسك، أو تستطيع أمك -حفظها الله- أن تقوم لك بذلك, أو والدك, أو أي أحد من أقاربك الصالحين أن يقوم بعمل رقية شرعية لك، لعله أن يكون هناك شيء قد سببه مثلاً بعض شياطين الإنس في عدم توفيقك في قضية الزواج.

فعليك بالرقية الشرعية، إما أن تقومي بذلك أنت بنفسك، وإما أن تقوم بها والدتك, أو والدك, أو أحد المقربين منك من أرحامك، أو أن تستعيني بعد الله تعالى بأحد الرقاة الثقات الذين يقومون بالرقية الشرعية بضوابط الشرع، وأعتقد أن الأمر بذلك سوف يحل - بإذن الله تعالى -.

لا ينبغي أن نعول كثيرًا على مسألة الاستخارة؛ لأن الاستخارة ليس معناها أنني أرى شيئًا, أو ينشرح صدري أو لا ينشرح، فهذه كلها أشياء وردت في كلام بعض أهل العلم، أما الذي ورد في كلام النبي - عليه الصلاة والسلام – أن الإنسان يستخير ثم ينطلق في الأمر، فإن كان فيه خير فسوف ييسره الله تبارك وتعالى, ويذلل الصعاب التي تقف في سبيله، وإن لم يكن فيه خير فستحدث هناك عقبات غير متوقعة تكون سببًا في عدم إقبال الإنسان, أو إكماله لهذا الأمر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا: (إذا هم أحدكم بالأمر فليصلِّ ركعتين), وبعد أن يدعو الدعوات المعروفة فإن كان خيرًا فسوف ييسره الله تعالى.

أرجو ألا تعوّلي وألا تعلقي قضية الاستخارة دائمًا على قضية الأحلام والمنامات ورؤية جدك أو جدتك، فهذه الأمور كلها قد تكون من الشيطان، وقد تكون حقيقة، ولكن أقول: لا ينبغي أن نعول عليها، وإنما إذا ما جاءك أحد ترضين دينه وخلقه, كما أمر النبي - عليه الصلاة والسلام – فيجب عليك وعلى أهلك أن يقبلوه، وعليك أن تصلي صلاة الاستخارة ثم تتوكلي على الله، وتبدئي في إجراءات إتمام الزواج، فإن كان فيه خير فسوف يكون الأمر سهلاً ميسورًا، وإن وجدت هناك عقبات غير متوقعة فأعتقد أن هذا سيكون دليلاً على أن هذا العمل غير موفق.

فلا ينبغي أبدًا أن نعوّل على قضية المنامات والأحلام، خاصة وأنها قد تكون عبارة عن أحلام, وليست رؤىً حقيقة يعوّل عليها، وقد يلعب الشيطان فيها دورًا كبيرًا؛ لأن الشيطان قد يغيظه أنك صالحة ومستقيمة, فلا يريد أن يزوّجك حتى يُشعرك بنوع من الإحباط واليأس, ويدخل عليك الحزن، كما قال تعالى: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا}, ويقول لك ولأهلك: انظروا لأنها ملتزمة ومحافظة على الدين لا يأتيها أحد، في حين أن فلانة وفلانة من غير الملتزمات وغير المتحجبات تزوجن وعندهنَّ أولاد.

إذن الأساس -كما ذكرت لك- اختيار النبي - عليه الصلاة والسلام – بقوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه), فإذا تقدم لك شاب صاحب خلق ودين, وعنده قدرة على فتح بيت, وعنده مسؤولية الإنفاق عليك بالطريقة المعتادة المألوفة، فصلي صلاة الاستخارة, وتوكلي على الله، ولا ينبغي لك ولا لأهلك أن يردوه بحجة أن جدك أو خالك جاء في المنام وقال: إنه موافق أو غير موافق؛ لأن هذا -كما ذكرت لك- لم يثبت في كلام النبي - عليه الصلاة والسلام – وليس دليلاً قاطعًا على قبول أو رفض الخاطب، وإنما على المرأة إذا جاءها من ترضى دينه وخلقه أن تصلي الاستخارة وتقبل بمن تقدم إليها، وتتوكل على الله، وإذا أراد الله إتمامًا للأمر فسوف يكون، وإلا فسوف يرزقها خيرًا في مستقبل أيامها، وكل ذلك خير، كما قال تعالى: { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
أسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان, ثم يرضيك به.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...