أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : بدون المعاشرة الزوجية لا تستمر الحياة الزوجية.

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا متزوجة منذ 7 أشهر، بعد الزواج مباشرة بدأ زوجي يلاحظ عليَّ بعض الأشياء التي لا تعجبه، مثل: السيلوليت cellulite، وذهبت إلى طبيبة جلدية وتجميل، وأكدوا لي بأني طبيعية، ولكنه قال لي: هذه وجهه نظر، بالإضافة إلى عدم رغبته الجنسية ناحيتي، ويقول لي: إن هذه الأشياء هي السبب، مع أنني أرى استحالة هذا الشيء، بالإضافة إلى أننا عملنا تحليل الهرمونات، وكانت كلها سليمة، وذهبنا إلى دكتور نفسي، وقال له: لابد أن تحاول مع نفسك، وأن تكون قراراتك جادة.

وللعلم: أن زوجي أخبرني بأنه يعاني من القلق بعض الشيء منذ زمن، ولكنه ليس مثلي، حيث أنني أشعر بآلام في جسدي من القلق والتوتر والخوف، وأشعر بألم عند محاولة ممارسة العلاقة الزوجية التي لم تتم خلال هذه الفترة إلا لمرات معدودة، كما أنها لم تتم بشكل كامل، بسبب الألم الذي أشعر به، مع إحساسي بالتوتر والقلق والخوف في هذه اللحظات، مما يجعل أعصابي مشدودة جدا.

مع أنه يريد أن يحل هذا الموضوع، وأنا كذلك، وأخاف ألا أشعر معه بمشاعر الحب، حيث أنني في بداية الزواج، ومن المفروض أن أكون فياضة بالمشاعر، ولكن عندما حدث ذلك تدهورت حالتي النفسية، وأشعر بأن حياتي تقف عند ذلك، ولا أدرى ماذا أفعل؟ مع العلم أن زوجي صحيح من الناحية الجسدية، فهل أكمل معه مشوار حياتي؟ وهل يوجد حل لحالته؟ .. وشكرًا.

مدة قراءة الإجابة : 11 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ smilling حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله الجليل جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك أنت وزوجك من كل بلاء، وأن يصرف عنكما العلل والأسقام والأمراض، وأن يرد عنكما كيد الكائدين وحسد الحاسدين وطمع الطامعين، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يعينكما على التغلب على هذه المشكلة والخروج منها على خير.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن الإنسان يتزوج لينعم بنعم الله تبارك وتعالى التي جعلها في الزواج، فإن الله تبارك وتعالى جعل في الزواج نعمًا كثيرة، وجعل فيه آيات عظمى، ولذلك أمرنا به تبارك وتعالى في كتابه فقال: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}، وقوله جل جلاله: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وقوله صلوات ربي وسلامه: (تناكحوا تكاثروا)، إلى غير ذلك من النصوص التي تبين لنا مدى حث الشارع الحكيم أمة الإسلام على التزاوج؛ بغية تحقيق هذه المقاصد الشرعية التي جعلها الله تبارك وتعالى في هذا الزواج المبارك.

وكل زوجة وزوج يتمني كل واحد منهما أن تكون حياته في قمة السعادة والأمن والاستقرار، إلا أنه ينغص أحيانًا وجود بعض المنغصات التي قد لا يتحمل الإنسان وجودها، ولذلك لسبب أو لآخر، وبعض الناس قد يتحسس، وبعضهم قد يخاف من انتقال العدوى، وبعضهم قد أحيانًا يتأفف أو قد ينفر من رؤية بعض الأشياء الغير طبيعية، إلى غير ذلك.

وأنت - ولله الحمد والمنة - كما ذكرت أنكم ذهبتم وأجريتم التحاليل وتبين أنك سليمة تمامًا وليس فيك شيئ، وكذلك أيضًا زوجك صحيح من الناحية الجسدية، إلا أن هذا الأمر ترتب عليه نوع من الفتور في العلاقة، وأصبحتما في حالة من القلق، بل بدأتما تفكران في أنه هل من الممكن أن تستمر الحياة أم نتوقف؟

أقول لك أختي الكريمة: أنه مما لا شك فيه أن هذا الأمر كما ذكرت مزعج، ولكن علاجه لا يكون بهذه الطريقة، أن تتوقفا، فهذه ليست طريقة صحيحة، وإنما لابد أن نبحث أولاً عن أكبر قدر ممكن من وسائل العلاج، التي تؤدي إلى تحسين الأداء، وإلى استقرار النفس، وإلى المحافظة على الأسرة، فأتمنى أن تفتحي مع زوجك نافذة الحوار الموسع، وأن تتكلما معًا بصوت مسموع، وأن تتناقشا وأن تتجاذبا أطراف الحديث دون اتهام لأحدكما على حساب الآخر، وإنما ينبغي علينا أن نعلم أن هذه مشكلتنا معًا، وأن نحرص على أن يكون الهدف إنما هو حلها، وليس توجيه الاتهام في من كان سببها، وأن يحرص كل واحد منكما أن ينزل نفسه منزلة الآخر، حتى يشعر بما يشعر به الطرف الآخر.

وأرى صرف النظر تمامًا عن فكرة الانفصال، أو التخلص من الحياة الزوجية، لأننا لو وضعنا هذا كأحد الحلول، فمع الأسف الشديد قد نجد أنه الحل الأمثل، في حين أنه ليس كذلك، لأن الطلاق ليس حلاً للمشكلة في كل الأحوال، وإنما هو حل لمشكلة أكبر وأعظم، حتى وإن لم يكن هناك أولاد أو غير ذلك.

فأنا أرى بارك الله فيك أنه يجب:

عقد جلسة مصارحة، يتناول فيها كل طرف من أطراف المشكلة، وتحاولان أن تفتحا وتتكلما بكل صدق وأريحية وإخلاص، ثم بعد ذلك ما المانع أن تذهبا معًا إلى طبيب أسرة لتعرضا عليه مشكلتكما، لعلكما في حاجة إلى أخصائي نفساني، أو استشاري نفسي، يعيد تأهيل أنفسكما مرة أخرى، ويرتب أوراق البيت من الداخل، لأننا أحيانًا قد نعاني من بعثرة في أفكارنا ومشاعرنا نتيجة ضغوط الحياة، أو نتيجة سوء فهم بعض المواقف، فنحتاج إلى من يعيننا على إعادة ترتيب البيت من الداخل ترتيبًا جيدًا ومناسبًا.

ولذلك أيضًا أنا أطلب من إخواني معي في الموقع، إحالة الاستشارة إلى أخصائي نفسي، لعله أن يقدم مساعدة لهذه الأسرة.

وأعود فأقول لك أختي الكريمة الفاضلة: أتمنى أن تعالجوا الأمور بهدوء وروية وعدم عجلة، وعدم توجيه الاتهام لأيكما على حساب الآخر، لأني كما ذكرت أن توجيه الاتهام يجعل الطرف الآخر أولاً يصعب التفاهم معه.

والأمر الثاني: قد لا يرغب زوجك في الخضوع لأي عملية علاجية، لأنه يرى أنه متهم من الطرف الأول، فلماذا يتهم به، وقد يضخم الشيطان له الأمر، وقد يجعل من الصعب السيطرة عليه، أو الوصول إلى حل، فيجب إقناعه أن هذه مشكلتنا نحن الاثنين معًا، ونحن نقف معًا صفًا واحدًا لعلاجها، كما ذكرت فيما يتعلق بفتح الحوار، وإجراء مزيد من التجارب والاختبارات، وكذلك أيضًا مراجعة الأخصائي النفسي.

ثالثا: هناك عامل آخر مهم جدًّا وهو سلاح الدعاء، الذي لم يتم التطرق إليه من خلال رسالتك، وإن كنت أتمنى حقيقة أن تمنحيه قدرًا وافرًا، ومساحة كبيرة من الزمن، لأن الله تعالى قال: {ادعوني أستجب لكم}، وقال أيضًا سبحانه: {أجيب دعوة الداع إذا دعان}، وكان أمير المؤمنين عمر - رضي الله تعالى عنه - يقول: (إني لا أحمل همّ الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء)، لأن الدعاء هو عمل العبد، والعبد قد يعمل وقد لا يعمل، وقد يدعو بغير إخلاص وصدق، فلا يستجيب الله لدعائه.

فأنا أتمنى - بارك الله فيك - أن تتوجها إلى الله بالدعاء أن يصلح الله ما بينكما، وأن يصرف عنكما هذه الأشياء التي جعلت الحياة الزوجية تصاب بنوع من الفتور، كما عليكما بالدعاء أن يمنّ الله عز وجل عليكما بالأمن والأمان والاستقرار، وأن يكرمكما بذرية صالحة طيبة مباركة.

ولا مانع أيضًا من الاستعانة بالآخرين لمشاركتكم جهد الدعاء وذلك كالوالدين، لأن دعاء الوالد للولد لا يرد، كما أخبر صلى الله عليه وسلم، ونحن هنا في الموقع باعتبار أننا إخوانكم، ونرحب بكم في أي وقت من الأوقات، وفي أي استشارة من الاستشارات.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يمنّ عليكم بالشفاء العاجل، والأمن، والاستقرار، والسعادة، والتوفيق والسداد.

الشيخ موافي عزب.
=============================

انتهت إجابة المستشار الشرعي، تليها إجابة المستشار النفسي الدكتور محمد عبد العليم:

فبداية أرجو الاطلاع على الإجابة الرصينة التي أفادك بها الشيخ موافي عزب، وأتمنى أن يطلع عليها زوجك الكريم، لأن هذا سيكون مفيدًا جدًّا.

من حيث الناحية النفسية: لا شك أن العلاقة الجنسية هي أمر أصيل جدًّا في الزواج، والجنس بطبيعة الحال هو أخذ وعطاء، ولابد أن يكون هنالك نوع من التعاوف من الطرفين في ذلك.

الذي ألاحظه أن المشكلة المشتركة بينكما هو وجود القلق والتوترات، ومن ثم حدث شيء من التنافر، وربما يكون هنالك اختلاف في وجهة النظر كما ذكرت.
وبالمقابل زوجك لديه الرغبة في حل هذه الموضوع، وأنت كذلك. إذن توجد مشكلة، توجد صعوبات حول المعاشرة الزوجية، وفي نفس الوقت يرغب الطرفان في الحل، وهذا يجعلنا حقيقة نتفاءل جدًّا، ويجب أن يكون هنالك سعي حقيقي للوصول إلى الغاية وهي حل هذه المشكلة.

وجود القلق والتوتر لديكما لا شك أنه عامل يُخل بالأداء الجنسي، ووجهة نظرك واضحة جدًّا، وأنت بجانب القلق تعانين أيضًا من وجود الألم عند المعاشرة الجنسية، وهذه مشكلة يجب ألا أقلل منها، لأن الألم في أثناء المعاشرة الجنسية يمكن أن يكون ناتجًا على سبيل المثال من انقباض المهبل أو وجود توتر شديد أو مفاهيم جنسية خاطئة، وهذا الألم يشكل إحساسًا حقيقيًا، بل مزعجًا وغير محتمل في كثير من الأحيان، وفي بعض الأحيان يكون ناتجًا من نقص في الترطيب في العضو التناسلي لدى الزوجة، وبالمناسبة ألم الجماع يمكن أن يصيب الرجال أيضًا، ولكنه بدرجة أقل مما لدى النساء.

فالذي أراه هو أنه لابد من الاستماع إلى وجهة نظر زوجك، وهذا مهم جدًّا، وما دام زوجك لديه الرغبة في حل هذا الموضوع فكما نصح الشيخ أنا أرى ضرورة الذهاب ومقابلة أخصائي في العلاقات الزوجية، وهنالك أمور كثيرة جدًّا يجب أن تُعالج وأهمها الوصول إلى درجة من التوافق وقبول الآخر، وهذه ممكنة جدًّا، ولا أعتقد أنه توجد لديكم مشكلة حقيقية، يجب أن يتوقف كلاكما من صنع الأعراض التي تضر بالزواج، وهذا يتم من خلال المصارحة كما ذكر الشيخ، وأنه يوجد موضوع قلق وتوترات، ويجب الذهاب إلى المختص، لأن المختص بجانب المهنية فهو يتميز بالحيادية، والحيادية مهمة جدًّا في حل مثل هذه الأمور، لأن الذي نخافه كثيرًا هو أن يرمي كل طرف الطرف الآخر الاتهامات تصعد من المشكلة وتزيد منها.

العلاجات متوفر، علاج القلق متوفر، هنالك أدوية ممتازة جدًّا لتعالج القلق، هنالك تمارين الاسترخاء، هنالك بعض المركبات حول العلاقة الزوجية والجنسية، فالذي أراه هو الذهاب إلى مختص، وإن شاء الله تعالى سوف تجدون المساعدة الكاملة.

بالطبع يجب أن تكملي مشوار حياتك مع زوجك، وهذا يتطلب منك التفكير الإيجابي حول الزواج وقيمة الزواج وأنه ميثاق غليظ، وأنه مودة وسكينة ورحمة، وفي ذات الوقت من الواضح جدًّا أن السبب في هذا التباين فيما بينكما يمكن علاجه. حاولي من جانبك أن تكوني أكثر استبصارًا، وأن تكوني أكثر فطنة، وأن تهدّئي من نفسك ومن قلق زوجك، وأن تُبدي له الحب، وأن تُبدي له العاطفة والوجدان السليم، وأن تطلبي بالفعل منه أن مقابلة المختص بالنسبة لك مهمّة جدًّا حتى يتم التخلص من الآلام والتوترات والألم عند المعاشرة الجنسية على وجه الخصوص.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لكما التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أشكو من عدة أعراض نفسية وجسدية، فكيف أعالجها؟ 802 الأحد 09-08-2020 05:16 صـ
كيف يتم استخدام دواء الرهاب والاكتئاب.. وكيف يتم إيقافة؟ 3529 الاثنين 27-07-2020 04:17 صـ
هل القلق والتوتر الحاد يؤدي إلى الوفاة المبكرة؟ 1161 الخميس 16-07-2020 06:05 صـ
كيف أمارس حياتي بشكل طبيعي وأتخلص من الأمراض؟ 1531 الخميس 16-07-2020 06:08 صـ
أشكو من أعراض جسدية رغم سلامة التحاليل، فهل ما أشكو منه مرض نفسي؟ 1935 الأربعاء 15-07-2020 06:16 صـ