أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : معاناة كبيرة مع الوسواس القهري، فما العلاج؟

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عانيت من الوسواس القهري، وقد كان يأتيني كل مرة بأسئلة جديدة يريدني بها أن أشك في ديني، لكن الحمد لله عافاني الله منه، ولم يبق بالحدة التي كان عليها والحمد لله.

في الفترة الأخيرة قرأت حول الأحاديث النبوية الشريفة، فاطلعت على عدة أحاديث ظاهرها التعارض، أنا أؤمن أن لا تعارض بين أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، لكن تأتيني هواجس: لماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام كذا وقال كذا (مثلا أحاديث المتكلمين في المهد).

أحاول البحث لأتعلم، لكن دائما يأتيني بأسئلة جديدة، وأنا أقول في نفسي: حتى لو ظهر أن هناك أحاديث متعارضة فأنا أومن أننا نحن لم نفهمها جيدا وأنه يستحيل أن يكون تعارض في أقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم.

هذه الحال مستمرة، ويأتيني بهذه الأسئلة خصوصا عندما أريد النطق بالشهادتين في الأذان مثلا – أحيانا أقوم برفع الأذان في مكان العمل – أو عندما أتوضأ وأريد أن آتي بالذكر بعد الوضوء.

أنا دائما أدافعه، لكن – وأظن هنا السؤال – أحيانا يتوقف تفكيري في وسط الهواجس، ويخيل إلي وكأني سأقتنع بذلك لكن أعود فأدفع وأدافع، أنا لا أفعل وأقسم إنني لا أشك في نبوة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فيأتني بعد ذلك يقول لي: قد شككت وعليك الدخول في الإسلام من جديد.

مثلا جاءني هاجس يقول: " لو أن الناس لم يصدقوا النبي (صلى الله عليه وسلم) هل كنت تصدقه وتشهد أنه رسول الله؟ " قلت في نفسي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لكن بعد ذلك أقول في نفسي: قبل أن أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ولو للحظة واحدة، ربما قلت لو أن الناس لم يصدقوا النبي (صلى الله عليه وسلم)، والعياذ بالله، حتى أنا لم أستغفر الله العظيم، ومرة أخرى أنا أدعو الله أن يخلصني من هذا الوسواس أكرر: " اللهم إن لم تنقذني لأكونن من الخاسرين " لكني أحسست في مرة أنني قلتها وأنا ضجر -والعياذ بالله- لكني استعذت بالله من الشيطان الرجيم في لحظتها، ورغم ذلك خشيت أن أكون قد خرجت عن الإسلام بفعلي ذلك، فنطقت الشهادتين بنية الدخول في الإسلام، وأنا أقول " بالنسبة لغسل المرتد: أنا آخذ برأي من يقول بالاستحباب فلن أغتسل، وبالنسبة للزواج زواجي صحيح لأني آخذ برأي ابن تيمية رحمه الله الذي يقول أن الميثاق لا زال منعقدا" ورغم ذلك لم يتركني الوسواس فقمت وبعد أن جامعت زوجتي، وأنا على الحال التي ذكرت، وبعدها - أي بعد الجماع أكرمكم الله - وقبل أن أغتسل قمت بالنطق بالشهادتين واغتسلت بنية الإسلام ورفع الجنابة، وبعدها صليت.. فهل وقعت في الكفر؟ وهل ما فعلته صواب؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأنا أود أن أؤكد لك على حقيقة مهمة جدًّا وهي أن من أخطر الأشياء المتعلقة بالوسواس القهري أن يحاول صاحب الوساوس أن يناقشها أو يرد عليها أو يخضعها للمنطق.

الخطورة تأتي في أن الوساوس لا حدود لها، والفكرة تولد الفكرة والمنطق يُبنى من خلاله منطق معوج آخر، وهذا هو الذي وقعت فيه أيها الفاضل الكريم، فأنت تحاول جهدك أن تطرد هذه الأفكار ولكن محاولتك للرد عليها وإخضاعها للمنطق، والإتيان بأفكار مضادة جعلك تسترسل مما يولد لك فكرا وسواسيا جديدا؛ لذا أتفق تمامًا أن الوساوس يُغلق عليها وذلك من خلال تحقيرها، لا تناقش الفكرة الوسواسية أبدًا، بل خاطبها وبقوة، قل لها (أنت فكرة وسواسية حقيرة لن أناقشك، فكرة وسواسية حقيرة لن أناقشك).

وبعد ذلك يمكنك أن ترمي هذه الفكرة بأسوأ النعوت، وتبدأ أن تقول للفكرة (أقف أقف أقف).

هذا هو المبدأ العلاجي الصحيح، لكن الاسترسال في نقاشها وإخضاعها للمنطق أمر يزيد من الوساوس ويزيد من الشكوك، وربما يجعلها ظنانية لدرجة متعبة جدًّا لصاحبها.

المبدأ العلاجي الثاني هو أن تربط هذه الوساوس بمنفرات ومقززات، وهذه يمكن أن تكون من خلال أن تستحضر صورة الوسواس وأن تسمع الموقف أنت، بمعنى أن الفكرة لم تأتيك، نريدك أن تستحضرها وتستجلبها وفي نفس الوقت تربطها بحدث فظيع، أمر مقزز، أمر كريه، اربطها وقوي هذا الرباط بين الاثنين، مثلاً اربط بين الفكرة الوسواسية والغائط، اربط بين الفكرة الوسواسية وتحطم طائرة، والأهوال المرتبطة بذلك، اربط بينها وبين حدوث بركان، هذا يؤدي إلى ما يعرف بفك الارتباط الشرطي.

التمرين الثالث: هو أن تتخيل هذه الوساوس كأنها موضوعة في إناء زجاجي تقوم بالدوس عليه وسبه ورميه بأقبح الألفاظ.

التمرين الرابع: هو أن تفكر في الوسواس، يمكنك أن تستحضر صورته، وفي نفس الوقت تقوم بالضرب على يدك بشدة وقوة حتى تحس بألم شديد. كرر هذا التمرين عشر مرات متتالية. الفكرة، الألم، الفكرة، الألم.

وجد علماء السلوك أن هذا يساعد كثيرًا في فك الارتباط الشرطي.

الخطوة الخامسة وهي مهمة جدًّا: أنه وبفضل من الله تعالى اتضح أن الوساوس الآن تستجيب للأدوية الطبية، وهذا أمر ليس مستغربًا، لأن الوساوس تعتمد على تغيرات كبيرة تحدث فيما يعرف بالموصلات أو الناقلات العصبية الموجودة في داخل الدماغ، وأهمها مادة تسمى بالسيروتونين، هذا التغيير لا أحد يعرف سببه، هل هو تدخل من الشيطان، هل هو نتيجة لخلل طبي؟ لا أحد يعرف السبب، لكن الحمد لله تعالى هذه الأدوية تصحح المسارات الكيميائية مما يزيل الوساوس تمامًا.

من أفضل الأدوية دواء يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) ويعرف علميًا باسم (فلوكستين) أريدك أن تبدأ في تناوله، دواء سليم، لا يتطلب أي وصفة طبية.

تناول الدواء بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعلها ثلاث كبسولات في اليوم - أي ستين مليجرامًا - وهذه هي الجرعة المطلوبة في مثل حالتك.

تناول هذه الجرعة بمعدل كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلاً، استمر عليه لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولتين يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة عام.

هذه هي جرعة الوقاية وقبلها جرعة العلاج، وقبلها كانت جرعة البداية.

لابد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الدواء، لأن الفائدة تجنى -إن شاء الله تعالى- بالالتزام بالجرعة، والمؤمن كيس فطن، ويجب أن تستفيد من نعمة الدواء.

أنا على ثقة تامة أن باتباعك لما ذكرناه من إرشاد نفسي وتناول الدواء الذي وصفناه سوف يُقضى على هذه الوساوس.

نشكرك كثيرًا وجزاك الله خيرًا، وأنا بالطبع لستُ من أهل الفتيا فيما يخص سؤالك هل وقعت في الكفر؟ لكني أقول لك أنك لم تقع في الكفر وسوف يفيدك -إن شاء الله- أحد المشايخ في هذا الأمر، وأصحاب الوساوس لا شك أنهم من أصحاب الأعذار.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وشفاك الله وعافاك.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أنقص جرعة ليكزونسيا (برازيبام) دون أن أصاب بأعراض الانسحاب؟ 1049 الأحد 09-08-2020 02:25 صـ
هل يوجد دواء داعم للأفكسور أفضل من السبرالكس؟ 2340 الثلاثاء 28-07-2020 05:15 صـ
هل هناك ضرر من الزولفت على الحمل والجنين؟ 2100 الأحد 26-07-2020 06:05 صـ
هل هذه الأدوية تعالج ثنائي القطبية؟ 1750 الأحد 19-07-2020 03:22 صـ
أرغب بدواء مضاد للذهان، أرجو المساعدة. 2134 الأحد 12-07-2020 01:04 صـ