أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الغضب هو دليل على وجود العصبية والتوتر والقلق النفسي، وربما يكون أيضاً مصاحباً وملازماً وصفة من صفات الشخصية، وبما أنك تعانين أيضاً من كثرة النسيان، وتشتت في الأفكار، فأعتقد أن تشخيص القلق هو تشخيص أكيد في حالتك.

ورغم أني لستُ على إلمام أو إدراك بظروفك الأسرية والاجتماعية، فإن كانت هناك أي صعوبات اجتماعية، فأرجو أن تضعي لها العلاجات المناسبة، وأن تكوني إيجابية في تفكيرك، فأنت الحمد لله صغيرة في السن، وإن وجدت مشاكل فإن شاء الله سوف يكون لك القدرة والطاقة النفسية والجسدية والاجتماعية التي تواجهين بها هذه الصعوبات.
ومن الضروري بالنسبة لأي إنسان في سنك أن يسعى لأن يؤهل نفسه علمياً ودينياً، فهذا أمر مهم جدّاً، وهذه هي الأسلحة التي يواجه بها الإنسان المستقبل.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنصحك بممارسة تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء؛ فهي مفيدة لعلاج التوتر النفسي الداخلي وكذلك الغضب، اجلسي في مكان هادئ على كرسي مريح في الغرفة، والغرفة يجب أن تكون قليلة الإضاءة، هادئة الضوضاء، ثم أغمضي عينيك وفكري في حدث سعيد أو شيء جميل، وبعد ذلك خذي نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، واجعلي صدرك يمتلئ بالهواء، وأمسكي على الهواء قليلاً في صدرك؛ وذلك لإتاحة الفرصة للأكسجين لينتشر انتشاراً جيداً خاصة في خلايا الدماغ حتى يؤدي إلى تحسين التركيز، بعد ذلك أخرجي الهواء بقوة وبطء عن طريق الفم.

كرري هذا التمرين أربع إلى خمس مرات متتالية، وبمعدل مرة صباحاً ومرة مساءً لمدة ثلاثة أسابيع، ثم مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة..بجانب ذلك أريدك أن تمارسي أي نوع من الرياضة البسيطة التي تناسب الفتاة المسلمة.

أنت ذكرت أن لديك اضطراباً في تناول الغذاء، ولا أعتقد أن ذلك سبباً رئيسياً في هذا النسيان والغضب، لكن بالطبع الانتظام في الأكل يُساعد الإنسان بصفةٍ عامة في صحته، فأرجو أن تكون وجبات الطعام منتظمة (الإفطار والغداء والعشاء) وأن تحتوي على المكونات الرئيسية، وهي البروتينات، وقليل من الدهنيات، وقليل من الكربوهيدرات، ولابد أن تحتوي الأطعمة على الخضروات، وتجنبي الوجبات السريعة بقدر المستطاع.

أنصحك أيضاً بتنظيم وقتك بصورةٍ صحيحة وأن تأخذي قسطاً كافياً من الراحة، وحاولي أن تستفيدي من الأوقات التي يتحسن فيها تركيز الإنسان، كالوقت الذي بعد صلاة الفجر، فإن الإنسان في هذا الوقت يستطيع أن يستوعب بصورةٍ كاملة، وهذا وقت ممتاز للمذاكرة، وأنا أنصح به الناس دائماً، ولديَّ تجارب شخصية إيجابية جدّاً في هذا السياق، فأرجو أن تكوني حريصة على ذلك.

أيتها الفاضلة الكريمة: كما تعرفين أن السنة النبوية المطهرة قد اهتمت كثيراً بأمر الغضب، وقد أُثبت أن العلاج النبوي للغضب هو أفضل العلاجات، فاعلمي أنه ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه ويحكم نفسه عند الغضب، كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والإنسان حين يستشعر علامات الغضب الأولى عليه أن يغير مكانه، وإن كان جالساً يقف، وإن كان واقفاً يجلس، ويغير الوضع الذي عليه، ويتفل ثلاثاً على شقه الأيسر، ويستغفر ويتوضأ، ويصلي ركعتين، ويمكنك أيضاً أن تطلعي على هذه الروابط: (276143 - 268830 - 226699 - 268701)، ففيها خيرٌ كثير بإذن الله تعالى.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فأنصحك بتناول دواء بسيط يُعرف أنه يؤدي إلى امتصاص الغضب والقلق، وإن شاء الله يحسن من التركيز، وذلك من خلال الاسترخاء النفسي والجسدي..الدواء يُعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) أرجو أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة في الصباح، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناوليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفعيها إلى حبة صباحاً وحبة مساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة في اليوم لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناولها.

الدواء من الأدوية الجميلة والفاعلة والممتازة، ولا تشغلي نفسك أبداً بالأعراض الجسدية كالصداع، فالصداع غالباً ما يكون ناتجاً من انشداد عضلي الذي هو في الأصل موطنه وسببه التوتر النفسي الذي تعانين منه، نسأل الله لك العافية والشفاء.

وبالله التوفيق والسداد.