عندما يكذب الرئيس !
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ».
والناظر إلى هؤلاء الثَّلَاثَة الذين اشتركوا في هذا الوعيد الشديد نرى أنهم يفعلون الذنب مع ضعف الدواعي له كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فإن داعية الزِّنا فِي الشَّيخ ضعيفة، وكذلك داعِيَةُ الكذب في الْمَلِك ضعيفة؛ لاسْتِغنائه عَنه، وكذلك دَاعِيَةُ الكِبر في الفقيرِ، فَإِذَا أَتَوا بِهَذه الذُّنُوب مَع ضَعْف الدَّاعي دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي نُفُوسِهِم مِن الشَّر الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ به من الوعيد مَا لَا يَسْتحقُّه غيرهم .
فمثلا من أقبح الكذب أن يكذب الرئيس على شعبه مع أنه يملك من السُّلُطات ما يجعله ينأى بنفسه عن هذا الخلق الذميم .
فعندما تولى الفرعون مبارك الحكم برز للشعب في ثياب الواعظين والناسكين يقول: "الكفن ليس له جيوب"! ثم اكشفنا مؤخرًا أن له مليارات الجيوب.
قال الفرعون: "الرئيس لا ينبغي أن يحكم إلا مدتين فقط"! وهذا مسطر وقتها بالبنط العريض في الصفحة الأولى لجريدة الأخبار، ثم كذب وحكم ست فترات وكان يستعد لتوريث ابنه لمثلها .
قال الفرعون: "إنه ينحاز لمحدودي الدَّخْل من الفقراء"! ثم رأيناه ينحاز للأغنياء والمليارديرات ويُصاهرهم وما انحاز يوما للفقراء الذين يضج بهم المشهد الآن بعد رحيله، لقد خرجوا له بالفلنات الداخلية وصرخوا أمام مجلس الشعب فلم يرق لهم .
وَعَدَ الفرعون شعبه في كل فترة رئاسة بالرخاء وهناء العيش فلم يَصْدُق مرة واحدة وازدادت تعاسة الشعب !
قال الفرعون أنه لن يسمح بتجويع غزة ثم رأينا مشاركته في حصارها وبيع الغاز لإسرائيل بأبخس الأثمان في الوقت الذي يقف الشعب المصري في الطوابير لأخذ أنبوبة غاز .
قال الفرعون في خطاب المَسْكَنَة قبل خلعه: "إن الأشخاص زائلون والأوطان باقية" مُرَدِّدًا كلام رئيس الوزراء أردوجان الذي قال له مثل هذا الكلام قبلها بيوم، ثم وجدناه يتشبث بالكرسي إلى أن أُجْبِر على الخلع والتنحي.
في آخر خطاب للفرعون توعد بمحاكمة من أجرموا في حق شباب الثورة وسفكوا دمه، وهو الذي قتلهم وتلوثت يده بدمائهم! وقديما قالوا: "إذا كنت كذوبا فكن ذكورًا"، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: « إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا».
والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
18-02-2011 م