أرشيف المقالات

مقاصد السنة النبوية (3) حفظ العقل

مدة قراءة المادة : 32 دقائق .
مقاصد السُّنة النبوية (3)
حِفْظ العَقْل
 
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:
للعقل في الإسلام أهميةٌ كبرى فهو مناط المسؤولية، وبه كرَّم الله تعالى الإنسانَ وفضَّله على سائر المخلوقات، وتهيَّأ للقيام بالخلافة في الأرض، وسخَّر له ما في البرِّ والبحر، قال الزمخشري: (كرَّمه اللهُ تعالى بالعقل، والنُّطق، والتمييز، والخط، والصورة الحسنة، والقامة المُعتدلة، وتدبير أمر المعاش والمعاد)[1].
وكلَّفه بعبادته، وطاعته وتحمُّل الأمانة اعتمادًا على وجود العقل، وتحقق مصالح الدنيا والآخرة يحتاج إلى الشرع، والشرعُ لا يقوم إلاَّ على العقل؛ لأنه أساس التكليف.
 
قال القرطبي: (إنَّ التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عُمدة التكليف، وبه يُعرف اللهُ ويُفهم كلامُه، ويُوصل إلى نعيمه، وتصديق رسلِه، إلاَّ أنه لَمَّا لم ينهض بكلِّ المراد من العبد بُعِثت الرسل، وأُنزِلت الكتب؛ فمثال الشرع الشمس، ومثال العقل العين، فإذا فُتحت وكانت سليمةً رأت الشمس، وأدركت تفاصيلَ الأشياء)[2].
 
ووصفَ الغزَّالي العقلَ بأنه (آلة الفهم، وحامل الأمانة، ومحل الخطاب والتكليف، وملاك أمور الدِّين والدنيا، وبأنه أشرف صفات الإنسان)[3].
 
ولأهمية العقل في الإسلام؛ فقد جعلتْ الشريعة المقصد الثالث من مقاصدها حفظ العقل، بعد حفظ الدِّين وحفظ النفس، وهذا الترتيب يُبيِّن لنا مدى احتفاء الشريعة بالعقل، فالدِّين أوَّلاً؛ لكونه الغاية التي من أجلها خلق الله تعالى الخلق، والنفس ثانياً؛ لكونها الوعاء الذي يضمُّ الجوارح والقلب والعقل، وجاء العقل في المرتبة الثالثة؛ لكونه وسيلةَ التَّلقِّي والفهم، فيتلقَّى عن الله تعالى بواسطة الأنبياء الشريعة، ويفهم عنهم المراد والمقصد.
 
والملاحظ على أحكام الشريعة الإسلامية، سواء ما ورد منها في القرآن الكريم أو السنة النبوية أنها خلت من ذِكر أحكامٍ خاصة بالعقل، فليس في الشريعة بابٌ اسمه باب العقل مثلاً، ورغم ذلك فإنَّ المتتبع للعديد من الآيات القرآنية يجد أنها قد احتفت بالعقل ومكانته، وحثَّت على إعماله، واستثمار قدراته، وكذلك السنة النبوية وتوجيهاتها إلى العلم والتَّعلُّم والتدبُّر، والذي لا يوصل إليه إلاَّ باستثمار طاقات العقل وقدراته، ممَّا يدلُّ على مكانة العقل، كما يُلاحظ ارتباط كثيرٍ من الأحكام بالعقل، ممَّا يستنبط منها ضرورة حفظِ العقل وصيانتِه.
 
قال الشاطبي: (وحفظ العقل يتناول ما لا يُفسده، وهو في القرآن، ومُكَمِّلُه شرعيَّة الحدِّ أو الزَّجر، وليس في القرآن له أصلٌ على الخصوص، فلم يكن له في السُّنة حُكم على الخصوص أيضاً، فبقي الحكمُ فيه إلى اجتهاد الأُمَّة)[4]، وهذا الاجتهاد مُستفادٌ من أصول الشريعة العامة، ونصوص القرآن والسنة، وقد فطن العلماء إلى ذلك، فجعلوه المقصدَ الثالث من المقاصد التي جاءت الشريعة لتحقيقها.
 
تعريف العقل: العقل قوة في نفس الإنسان يُدرك من خلالها العلوم، ويُحصِّل المعارف، وله إطلاقات مختلفة عند العلماء والحكماء والعامة.
والمقصود بالعقل هنا: (هو القوة الإدراكية التي تلي قوة الحواس، وفي مجال يفوق مجال الحواس، ودون الوحي الإلهي الذي يأتي عن طريق الرُّسل لهداية العقل الإنساني إلى سواء السبيل، ويُجَنِّبه الزَّلل والضلال، ويُخرجه من الظلمات إلى النور)[5].
 
علاقة العقل بالحواس: الإنسان مُكوَّن من عقلٍ وحواس ظاهرة؛ كالسمعِ والبصرِ، والشَّمِّ، والذَّوقِ، واللَّمسِ، والعقلُ والحواسُّ وسيلتان من وسائل الإدراك، لكنَّ الحواسَ بمثابة المُقدِّمات للعقل، تُعاوِنه وتُساعده في الوصول إلى العلوم والمعارف، والعقل بمثابة الحاكم يتصرف فيما أتت به الحواس من معارف فيمحِّصها، ويَقْبَل ما كان حقًّا، ويردُّ ما كان باطلاً، والعقل بدون الحواس لا قيمةَ له، كما أنَّ الحواس بدون العقل لا قيمةَ لها في حياة الإنسان المُكرَّم المُفضَّل.
 
وسائل المحافظة على العقل: لهذه الأهمية الخاصة حافظ الإسلامُ على العقل وسَنَّ من التشريعات ما يضمن سلامته وحيويَّته وذلك من خلال وسائل أساسية، وأخرى مُساعدة:
أولاً: "الوسائل الأساسية" لحفظ العقل:
الوسيلة الأولى: أهمية التعليم للمحافظة على العقل، فالتعليم من الأمور المطلوبة من كل رجلٍ وامرأة، وجعل العلماء هم أفضل الناس، وحث على طلب العلم، وفائدة التعليم هي تمرين العقل وصقله على سرعة الإدراك وربط الأسباب بالمسببات والعلل بالمعلولات، فالعقل البشري كما يحتاج في نموه وبقائه إلى الغذاء فإنه يحتاج أيضاً إلى العلم والمعرفة، وهو كالمرآة كلما زاد الاهتمام بتنظيفها من الغبار والأدران كانت أحسن حالاً في تأدية وظيفتها.
 
ونسبةً لقيمة التعليم وأثره في تقويم العقول حرص الإسلام على أن يجعله فريضة على كلِّ مسلمٍ ومسلمة، في قوله صلى الله عليه وسلم: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلُّ مُسْلِمٍ)[6].
وقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم التعليم؛ محافظةً على العقول؛ لأنه لا قيمةَ لعقل جاهل يكون عُرضةً لكلِّ ما يخطر عليه من الأوهام والخرافات، فمثل هذا العقل لا يُدرك المصالح الدُّنيوية فضلاً عن الحقائق الدِّينية، فيصير فريسةً للبدع، والخرافات، والانحرافات الفِكرية، وربَّما يصل به الحال إلى الشرك بالله تعالى من حيث لا يعلم؛ بسبب جهله المُركَّب[7].
 
الوسيلة الثانية: تحريم المُسكراتِ والمخدِّرات، وتحريم كلِّ ما من شأنه أنْ يؤثِّرَ على العقل، ويَضُرَّ به، أو يُعَطِّلَ طاقتَه؛ كالخمر والحشيش وغيرِها، قال النووي: (وأمَّا الخمر فقد أجمع المسلمون: على تحريم شُرب الخمر، وأجمعوا: على وجوب الحدِّ على شاربها، سواءٌ شَرِبَ قليلاً أو كثيراً)[8].
 
والأحاديث في ذلك كثيرة ومتوافرة، ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ)[9]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)[10]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مَا أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاَةِ فَهُوَ حَرَامٌ)[11].
قال النووي: (فيه تصريحٌ بتحريم جميع الأنبذة المُسكرة، وأنها كلَّها تُسمَّى خمراً، وسواء في ذلك الفضيخ[12]، ونبيذ التمر، والرطب والبسر، والزبيب، والشعير، والذرة، والعسل، وغيرها، وكلُّها مُحرَّمة، وتُسمَّى خمراً، هذا مذهبنا، وبه قال مالكٌ وأحمدُ والجماهيرُ من السلف والخلف)[13].
 
ويستوي قليلُ الخمر وكثيرُه في الحرمة؛ لأنَّ الكثير مُسكر، والقليل داعيةٌ إلى الإسكار، ولا يتمُّ المقصود الشرعي إلاَّ بتحريمه، فأُلحِق بالكثير؛ سدًّا للذَّريعة، وإتماماً للمقصود الشرعي، وفي ذلك يقول ابن القيم: (وَمَنَعَ قَلِيلَ الْخَمْرِ، وَإِنْ كان لا يُسْكِرُ إذْ قَلِيلُهُ دَاعٍ إلَى كَثِيرِهِ، وَلِهَذَا كان مَنْ أَبَاحَ من نَبِيذِ التَّمْرِ الْمُسْكِرِ الْقَدْرَ الذي لاَ يُسْكِرُ خَارِجًا عن مَحْضِ الْقِيَاسِ، وَالْحِكْمَةِ، وَمُوجِبِ النُّصُوصِ)[14].
 
والتحريم يشمل كلَّ ما من شأنه أنْ يُذهب العقلَ من أنواع المخدِّرات والأقراص المُستحدثة؛ من البانجو والهروين والمَرَوانة، والكَبْتاجون ونحوها من الأقراص المخدِّرة التي تخلُّ بالإدراك وتُذهب العقل، إذ أنَّ العلَّة من تحريم الخمر المنصوص عليها صراحة في القرآن والسنة هي ذهاب العقل، ومن ثَمَّ فإنَّ العلَّة نفسَها إذا وُجدت مع نوعٍ آخَرَ غيرِ منصوصٍ عليه أَخَذَ حُكْمَ المنصوصِ عليه، باعتبار العلَّة.
 
الحِكمة من تحريم الخمر والمُخدِّرات: المحافظة على نعمة العقل والإدراك هي الحكمة الأساسية والغاية العظمى التي من أجلها شُرِعَ تحريمُ الخمر، وما يُلحق بها من المُسْكِرات والمخدِّرات، وقد قرَّر العلماءُ ذلك في العديد من أقوالهم، ومما جاء في ذلك:
أ- قول الرازي: (إنَّ عقل الإنسان أشرفُ صفاته، والخمرُ عدوُّ العقل، وكلُّ ما كان عدوَّ الأشرف فهو أخس، فيلزم أنْ يكون شربُ الخمر أخس الأمور.
وتقريره: أنَّ العقل إنما سُمِّي عقلاً؛ لأنه يجري مجرى عقال الناقة، فإنَّ الإنسان إذا دعاه طبعه إلى فِعلٍ قبيح، كان عقلُه مانعاً له من الإقدام عليه، فإذا شَرِبَ الخمرَ بقي الطبع الداعي إلى فعل القبائح خالياً عن العقل المانعِ منها.
وذَكَرَ ابنُ أبي الدنيا: أنه مَرَّ على سكران، وهو يبول في يده، ويمسح به وجهه كهيئة المتوضئ، ويقول: الحمد لله الذي جعل الإسلامَ نوراً، والماء طهوراً)
[15].
 
والفطرة السليمة ترفضُ بما أودعه الله فيها شُربَ الخمر؛ وذلك لأنَّ شرب الخمر يُنافي المروءة والأخلاق القويمة؛ لذا وُجِدَ من أهل الجاهلية مَنْ لم يشرب الخمرَ لما دلَّه عليه طبيعته وفطرته من خُبثها وعدمِ فائدتها، (فعن العباس بن مرداس: أنه قيل له في الجاهلية: لم لا تشرب الخمر؛ فإنها تزيد في جراءتك؟ فقال: ما أنا بآخذٍ جهلي بيدي، فأدخله جوفي، ولا أرضى أنْ أُصبِح سيِّدَ قومٍ وأُمسي سفيهَهم)[16].
 
ب- وقال الغزَّالي: (حَرَّمَ الشرعُ شربَ الخمر؛ لأنه يُزيل العقل، وبقاء العقل مقصود للشرع، لأنه آلة الفهم، وحامل الأمانة ومحل الخطاب والتكليف، فالعقل ملاك أمور الدِّين والدنيا فبقاؤه مقصود)[17].
 
ج- وقال الألوسي: (لو لم يكن فيها سِوى إزالة العقل والخروج عن حد الاستقامة لكفى، فإنه إذا أختلَّ العقل حصلت الخبائث بأسرها)[18].
ولذا أسماها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ الخبائث، وأُمَّ الفواحش.
 
الأضرار المُترتِّبة على شُرب المُسكر: إنَّ تحريم المسكرات والمخدِّرات في الشريعة الإسلامية جاء في المقام الأَوَّل لحفظ العقل وصيانته، كما جاء لتجنُّب ما يُسبِّبه غياب العقل من مفاسد ومضار مُتحقِّقة الوقوع بغيابه، وهذه المفاسد وتلك المضار متعدِّدة الجوانب ومتعدِّية الأثر، فمنها ما يلحق الشخص المدمن نفسَه، ومنها ما يلحق المحيطين به أفراداً ومجتمعات، ومن ثَمَّ الأمة بأسرها، ومن ذلك ما يلي:
الأضرار والمفاسد القاصرة: التي تعود على شارب الخمر في شخصه ودِينه وعقله وبدنه وماله ومكانته بين الناس: فقد أشار القرآن الكريم إلى مفاسد الخمر وأضرارها، وأنَّ ضررها أكبر من نفعها، وأنها تُورث العداوة والبغضاء، وتصدُّ عن ذِكْرِ اللهِ، وعن الصلاة، وجاء في السُّنة: أنها أمُّ الفواحش وأكبرُ الكبائر، وأنها أُمُّ الخَبائِثِ، ومَنْ شَرِبَهَا لَمْ تُقْبَلْ صَلاَتُهُ أَرْبَعِينَ يَوماً، وأنَّها ملعونة وشاربها، وأنه يُسقى عرق أهل النار يوم القيامة، وبيان ذلك يأتي فيما بعد.
 
وأما الأضرار البدنية: فهناك أضرار سلبية تؤثر على الجهاز العصبي بسبب تعاطي المسكرات، وثبت أنَّ 30% من المجانين الذين يُعالَجون في مستشفيات الأمراض العقلية كان جنونهم ناشئاً عن تعاطي المسكرات، مما حدا ببعض الأطباء الألمان أن يقول: (اقفلوا لي نصف الحانات أضمن لكم الاستغناء عن نصف المستشفيات والملاجئ والسجون)[19].
 
بل إنَّ للمسكرات أثراً خطيراً على أجهزة الجسم؛ كالأوعية الدموية، والكليتين، والرئتين، يقول الأطباء: إنَّ المسكر لا يتحول إلى دم كما تتحول سائر الأغذية بعد الهضم، بل يبقى على حاله فيزحم الدمَ في مجاريه فتسرع حركة الدم، وتخرج عن وضعها الطبيعي، لأنَّ الأساس في الخمر مادة الكحول، فزيادتها في الجسم بتعاطي الخمور لمدة طويلة يُحدث التهاباً مُزمِناً في الأعصاب، وفي الكلى، وتصلُّباً في الشرايين، وتحجُّراً في الكبد، وضعفاً في القلب، ويكون موت السكران مُحقَّقاً إذا بلغت نسبة الكُحول في دمه ستة في الألف[20].
 
وأما إضاعة المال: فهو ضرر ظاهر لا يحتاج إلى برهان؛ كما قال ابن أبي الدنيا: (بلغني أنَّ قيس بن عاصم قيل له في الجاهلية: تركتَ الشرابَ؟! قال: لأني رأيتُه مَتلفةً للمال، داعيةً إلى شرِّ المقال، مَذهبةً بمروءات الرجال)[21]، فإنَّ مدمن الخمر لا يستطيع التخلي عن شربها، وربما أدى به الحال إلى التخلي عن الضروريات أو الحاجيات بسبب تبذير المال في شرب الخمر، فيفسد بذلك عقله ودينه ودنياه.
 
ووصف ابنُ القيمِ الخمرَ بأنها: (تُورِثُ الخزيَ والندامةَ والفضيحة، وتُلحِق شاربها بأنقصِ نوع الإنسان؛ وهم المجانين، وتُسلِبه أحسنَ الأسماء والسِّمات، وتَكسوه أقبحَ الأسماء والصِّفات، وتُسهِّل قتلَ النفس، وإفشاءَ السِّر الذي في إفشائه مضرَّتُه أو هلاكُه، ومؤاخاةَ الشياطين في تبذير المال الذي جعله الله قياماً له...
وتُهوِّن ارتكابَ القبائح والمأثم، وتُخْرِج من القلب تعظيمَ المحارم، ومُدمِنُها كعابد وثنٍ، وكم أهاجت من حرب، وأفقرت من غنيٍّ، وأذلَّت من عزيز، ووضعت من شريف، وسلبت من نعمة، وجلبت من نقمة، وفسخت من مودَّة، ونسجت من عداوة، وكم فرَّقت بين رجل وزوجته، فذهبت بقلبه، وراحت بِلُبِّه، وكم أورثت من حسرة، وأجْرَت من عبرة، وكم أغلقت في وجه شاربها باباً من الخير، وفتحت له باباً من الشر، وكم أوقعت في بلية، وعجَّلت من مَنيَّته، وكم أورثت من خِزية...
فهي جِماعُ الإثم، ومِفتاحُ الشر، وسَلاَّبةُ النِّعم، وجلاَّبةُ النِّقم)
[22].
 
وأما الأضرار المتعدية: فهناك مفاسد في محيط الأسرة حيث يُقصِّر شارب الخمر في حقوق زوجته وأولاده بإهمال شؤونهم في الرعاية والعناية، وكذا في الجانب المالي بإضاعته في هذه السُّموم، والمفاسد الاجتماعية لا تُعدُّ ولا تُحصى؛ لأنَّ مُتعاطي الخمر تتأثَّر قواه العقلية، ويخرج بذلك عن تصرُّفات العقلاء، وحدود الشرع وقيود العادة والطبع، ويكون مستعدًّا لإحداث كلِّ رذيلة اجتماعية، ولمقارفة كلِّ جريمة؛ كالقتل والزنا والسرقة ونحوها.
 
وأما الأضرار المتعدية إلى محيط الأمة: فإنَّ كلَّ أمةٍ انتشر فيها داء المسكرات والمخدِّرات تصاب بالوهن والتفكك في روابطها وعلاقاتها، وتنتشر ضَّغائن العداوة والبغضاء بين أفرادها؛ بسبب ما يقع من جرائم على النفس، والعرض، والمال، وتضعف كذلك القوة الإنتاجية؛ بسبب تأثير المسكرات على القوة العاملة، والقوة المدافعة عن حرماتها ومقدساتها، وربما نتج من ذلك إفشاء أسرار الدولة إلى الأعداء بسبب سيطرة الشهوات على أفرادها فلا تفلح في حياة الدنيا ولا في الآخرة[23].
 
الوسيلة الثالثة: العقوبةَ الرادعة على تناول المسكرات؛ وذلك لخطورتها وأثرها البالغ الضرر على الفرد والمجتمع، وسلك في ذلك مسلكين:
المسلك الأول: الوازع الدِّيني: ببيانِ حُكمِ المسكرات، وبيان المضار والمفاسد المترتبة على شربها، وبيان عقوبة الآخرة، ومن ذلك:
أ- قولُه صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللَّهِ عزَّ وجلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ؛ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ! وما طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قال: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أو عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ)[24].
 
ب- وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ في الدُّنْيَا فَمَاتَ وهو يُدْمِنُهَا[25]، لم يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ)[26].
 
ج- وقوله صلى الله عليه وسلم: (الخَمْرُ أُمُّ الخَبائِثِ، فَمَنْ شَرِبَهَا لَمْ تُقْبَلْ صَلاَتُهُ أَرْبَعِينَ يَوماً، فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ فِي بَطْنِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)[27].
 
د- وقوله صلى الله عليه وسلم: (الْخَمْرُ أُمُّ الْفَوَاحِشِ، وَأَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، مَنْ شَرِبَهَا وَقَعَ عَلَى أُمِّهِ، وَخَالَتِهِ، وَعَمَّتِهِ)[28].
 
هـ- وقوله صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ)[29].
 
المسلك الآخَر: الوازع السلطاني: المُتمثِّل في العقوبة البدنية في الدنيا، فهو بذلك يمنع التظاهر بالجريمة، ويزجر المُجرم من معاودة الإجرام، وهذا المسلك مُتمِّم ومُكمِّل للأول، وقد شُرِعَتْ عقوبةُ الخمر، وهي الجلد في السنة النبوية، وذلك فيما يلي:
أ- عن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه؛ (أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قد شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ).
قال: وَفَعَلَهُ أبو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه اسْتَشَارَ النَّاسَ فقال عبدُ الرحمنِ بنُ عوفِ رضي الله عنه: أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ[30]، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ[31].
 
ب- وفي حديث عليٍّ رضي الله عنه؛ أنَّه جَلَدَ أربعين، ثم قال للجَلاَّدِ: (أَمْسِكْ، ثُمَّ قال: جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أبو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ[32]، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ[33])[34].
 
ج- وعن السَّائِبِ بن يَزِيدَ رضي الله عنه قال: (كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِمْرَةِ أبي بَكْرٍ وَصَدْرًا من خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إليه بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إذا عَتَوْا[35] وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ)[36].
قال الترمذي: (وَالْعَمَلُ على هذا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ حَدَّ السَّكْرَانِ ثَمَانُونَ)[37].
 
وقال النووي: (اختلف العلماء في قدر حدِّ الخمر:
1- فقال الشافعي، وأبو ثور، وداود، وأهل الظاهر، وآخرون: حدُّه أربعون.
قال الشافعي: وللإمام أن يبلغ به ثمانين، وتكون الزيادة على الأربعين تعزيرات، على تسببه في إزالة عقله، وفي تَعَرُّضِه للقذف، والقتل، وأنواع الإيذاء، وترك الصلاة، وغير ذلك.
 
2- ونقل القاضي عن الجمهور من السلف والفقهاء؛ منهم مالك، وأبو حنيفة، والأوزاعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق - رحمهم الله تعالى، أنهم قالوا: حدُّه ثمانون، واحتجوا: بأنه الذي استقرَّ عليه إجماعُ الصحابة، وأنَّ فِعْلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يكن للتحديد، ولهذا قال في الرواية الأُولى: (نَحْوَ أَرْبَعِينَ)[38].
 
وحُجَّة الشافعي وموافقيه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما جَلَدَ أربعين، كما صرَّح به في الرواية الثانية[39]، وأما زيادة عمر: فهي تعزيراتٌ، والتعزير إلى رأي الإمام؛ إنْ شاء فَعَلَه، وإنْ شاء تَرَكَه، بحسب المصلحة في فِعلِه وتركِه، فرآه عمرُ، ففَعَلَه، ولم يره النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكرٍ رضي الله عنه، ولا عليٌّ رضي الله عنه، فتركوه، وهكذا يقول الشافعي: إنَّ الزيادة؛ إلى رأي الإمام، وأما الأربعون؛ فهي الحدُّ المُقَدَّر الذي لا بدَّ منه، ولو كانت الزيادة حدًّا لم يتركْها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ رضي الله عنه، ولم يتركْها عليٌّ رضي الله عنه بعد فِعْلِ عمر؛ ولهذا قال عليٌّ رضي الله عنه: "وَكُلٌّ سُنَّةٌ"، معناه: الاقتصار على الأربعين، وبلوغ الثمانين، فهذا الذي قاله الشافعي هو الظاهر الذي تقتضيه هذه الأحاديث، ولا يُشكل شيءٌ منها)
[40].
 
وهذه العقوبات المُقرَّرة في حقِّ شارب الخمر بنوعيها (الحد - التعزير) يُناط بها ردعُ شارب الخمر وزجرُه عن المعاودة؛ حفاظاً لعقله الذي به تُصان الأعراض، وتُحرم الحرمات، وتُحفظ المجتمعات، وتُحمى من التَّعدِّي والخروج على النسق العام والآداب العامة التي أقرَّها الإسلام، ووافقها الطبع والعُرف.
 
ثانياً: "الوسائل المساعدة" لحفظ العقل:
1- تربية العقل على روح الاستقلال في الفهم والنظر، واتباع البرهان، ونبذ التقليد غير القائم على الحجة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ﴾ [الأنبياء: 24]، وقوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [المؤمنون: 117]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 111].
 
2- الدعوة إلى تنمية العقل ماديًّا ومعنويًّا؛ ماديًّا: بالغذاء الجيِّد الذي يُقوِّي الجسم ويُنشِّط الذِّهن، ومن هنا كُرِه للقاضي أن يقضي وهو جائع، وفُضِّلَ تقديمُ الطعام على الصلاة إذا حضرا معًا.
أما معنويًّا: فبالتأكيد على طلب العلم واعتباره أساس الإيمان، وإتاحة التعليم للجميع، وجعله حقًّا مُشاعًا بين أفراد المجتمع، بل هناك حدٌّ أدنى منه واجبٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلمة، وليس أدل على اعتبار السنة النبوية لمكانة العقل وقيمته من أنها جَعلت فكاك الأسرى؛ أسرى بدر بأن يقوم كلُّ واحدٍ منهم بتعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، فجَعَلَ القراءةَ والكتابة، وهما بابُ العلم ومفتاحُ التدبُّر جَعَلَهما مُعادلاً للحرية، إذ أنَّ تحرير العقل من قيد الجهل يعادل فكاك الأسير من الأسر ونيله الحرية، وهذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم لَدَليل دامِغٌ على أهمية العقل في الإسلام والسنة النبوية.
 
3- رَفْعُ مكانةِ العقل، وتكريمُ أُولي العقول؛ ففي أكثر من آيةٍ من القرآن الكريم، يقول الله تعالى: ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِي * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 17، 18]، ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]، ويقول تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].
 
4- تحرير العقل من سلطان الخرافة، وإطلاقه من إسار الأوهام، ومن هنا حَرَّم الإسلامُ السِّحر والكِهانة والشَّعوذة وغيرَها من أساليب الدَّجل والخرافة، كما أنه مَنَع على العقل الخوض في الغيبيات من غير سلطانٍ أو علمٍ يأتيه من الوحي المُنزَّل على النبي صلى الله عليه وسلم، واعتبر ذلك سبباً رئيساً في هدر طاقته من غير طائل؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [غافر: 56].
 
5- تدريب العقل على الاستدلال المثمر، والتعرف على الحقيقة، من خلال وسيلتين:
أ- وضع المنهج الصحيح للنظر العقلي المفيد لليقين، ومن هنا جاءت الدعوة إلى التَّثبُّت قبل الاعتقاد، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء: 36]، وذكر الله تعالى عن أهل الكهف أنهم قالوا: ﴿ هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الكهف: 15].
 
ب- الدعوة إلى التدبُّر في نواميس الكون لاستكشافها، وتأمُّل ما فيها من دقة وترابط، والاستقراء والتمحيص الدقيق للوصول إلى اليقين.
 
6- توجيه الطاقة العقلية إلى استخلاص حِكَمِ التشريع وأسراره، ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].
 
7- استخلاص الطاقات المادية في الكون والاستفادة منها، في بناء الحضارة ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15].
 
8- فتح باب الاجتهاد في التشريع، فيما لا نصَّ فيه، ويتمثل ذلك في أمرين:
أ- استخلاص المقاصد والأهداف من النصوص والأحكام الشرعية.
 
ب- استنباط الأحكام والتشريعات لما يُستجد من حوادث، وهو مجال واسع يستند إلى مبادئ عدة؛ كالقياس، والمصلحة، والاستحسان، وغيرها[41].
 
الخلاصة: نخلص مما سبق إلى أنَّ العقل في الإسلام يحتل مكانةً سامية؛ لكونه وسيلةَ التَّلقي للنصوص، فهو الباب الأول للإيمان؛ لذا رُفِعَ التكليف عن المجنون لفقدانه هذه الوسيلة، وقد أعلى الإسلام من شأنه ورَفَع من قدره واتَّخذ من الوسائل والتَّدابير الحافظة والداعمة لتنميته وتطويره ما يُمَكِّنُه من تحقيق الهدف المنوط به، وهو تعقُّل الأمور والتمييز بين الحسن والقبيح والذي يترتَّب عليه مدى قدرة الإنسان وكفاءته في تحقيق الخلافة على وجه الأرض.



[1] الكشاف، (2/ 635).


[2] الجامع لأحكام القرآن، (10/ 294).


[3] شفاء الغليل، (ص103)؛ وانظر: المستصفى، (ص3).


[4] الموافقات، (4/ 29).


[5] المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، (ص328).


[6] رواه ابن ماجه، (1/ 81)، (ح224).
وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه)، (1/ 92)، (ح184).


[7] انظر: المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، (ص366).


[8] شرح النووي على صحيح مسلم، (11/ 217).


[9] رواه البخاري، (1/ 95)، (ح239)؛ ومسلم، (3/ 1585)، (ح2001).


[10] رواه مسلم، (3/ 1587)، (ح2003).


[11] رواه مسلم، (3/ 1586)، (ح1733).


[12] الفضيخ: شرابٌ يُتَّخذ من البسر المفضوخ: أي المشدوخ.
انظر: النهاية، (3/ 453).


[13] شرح النووي على صحيح مسلم، (13/ 148).


[14] إعلام الموقعين، (2/ 103).


[15] التفسير الكبير، (6/ 40).


[16] التفسير الكبير، (6/ 40).


[17] شفاء الغليل، (ص103).


[18] روح المعاني، (2/ 114).


[19] انظر: مجلد الهداية الإسلامية، (4/ 214)؛ تفسير المنار، (326).


[20] انظر: روح الدين الإسلامي، (ص409).


[21] ذم المسكر، (ص74).


[22] حادي الأرواح، (ص122).


[23] انظر: المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، (ص378، 382).


[24] رواه مسلم، (3/ 1587)، (ح2002).


[25] أي: يُداوم على شُربها، بأنْ لم يتب عنها حتى مات على ذلك.
انظر: تحفة الأحوذي، (5/ 486).


[26] رواه مسلم، (3/ 1587)، (ح2003).


[27] رواه الطبراني في (الأوسط)، (4/ 81)، (ح3667).
وحسنه الألباني في (صحيح الجامع الصغير)، (1/ 631)، (ح3344).


[28] رواه الطبراني في (الكبير)، (11/ 164)، (ح11372).
وحسنه الألباني في (صحيح الجامع الصغير)، (1/ 631)، (ح3345).


[29] رواه أبو داود، (3/ 326)، (ح3674).
وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود)، (2/ 417)، (ح3674).


[30] (أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ): بنصب أخف، وهو منصوبٌ بفِعْلٍ محذوفٍ، أي: اجلِدْهُ كأخَفِّ الحدود، أو اجعَلْه كأخَفِّ الحدود، والمقصودُ بقوله: (أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ) يعني: المنصوصَ عليها في القرآن، وهي: حدُّ السرقة بقطع اليد، وحدُّ الزنا جلد مائة، وحدُّ القذف ثمانين، فاجعلها ثمانين كأخفِّ هذه الحدود، وفي هذا: جوازُ القياس، واستحبابُ مشاورة القاضي والمفتي أصحابَه، وحاضري مَجلسِه في الأحكام.
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (11/ 216).


[31] رواه مسلم، (3/ 1330)، (ح1706).


[32] (وَكُلٌّ سُنَّةٌ): معناه: أنَّ فِعْلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ رضي الله عنه سُنَّةٌ يُعمل بها، وكذا فِعْلُ عُمَرَ رضي الله عنه، ولكنْ فِعْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ رضي الله عنه أحَبُّ إِلَيَّ.
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (11/ 217).


[33] (وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ): إشارة إلى الأربعين التي كان جَلَدَها وقال للجَلاَّدِ: (أَمْسِكْ).
ومعناه: هذا الذي قد جلدتَه، وهو الأربعون، أحبُّ إليِّ من الثمانين، وفيه: أنَّ فِعْلَ الصحابي سُنَّةٌ يُعمل بها، وهو مُوافِقٌ لقولِه صلى الله عليه وسلم: (فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) رواه الترمذي، (5/ 44)، (ح2676) وقال: (حسن صحيح).
وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي)، (3/ 70)، (ح2676).
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (11/ 217).


[34] رواه مسلم، (3/ 1331)، (ح1707).


[35] (عَتَوْا): العتو: المبالغة في ركوب المعاصي، والعاتي: هو الذي لا يؤثر عنده الوعظ والزجر.
انظر: كشف المشكل، لابن الجوزي (1/ 81).


[36] رواه البخاري، (6/ 2488)، (ح6397).


[37] سنن الترمذي، (4/ 84).


[38] رواه مسلم، (3/ 1330)، (ح1706).


[39] رواه مسلم، (3/ 1331)، (ح1706).


[40] شرح النووي على صحيح مسلم، (11/ 217، 218).


[41] انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، (ص20).

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن