أرشيف المقالات

أصل الولاء والبراء في الإسلام

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
أصل الولاء والبراء في الإسلام

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
 
أما بعد:
فإن من أصول الدين الراسخة والعظيمة - التي تعدُّ روح التوحيد، وفرقانًا بين المؤمن والكافر، والموحد والمشرك، والحق والباطل، والصادق والمنافق - أصلَ الولاء والبراء، الذي وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأوثق عرى الإيمان.
 
فالولاء لغةً هو الحب والنصرة؛ قال الله - تعالى -: ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ﴾ [الكهف: 44]؛ أي: المحبة.
 
وأما البراء لغةً، فهو التنصل والتخلص، نقول: تنصل منه إذا تبرأ منه، ونقول: استبرأ من البول؛ أي: تخلص منه.
 
وأما الولاء والبراء في الشرع، فهو الحب في الله، والبغض في الله؛ أي: حب الله وجميع محبوباته؛ كالرسل، والملائكة، والقرآن الكريم، والصلاة، والحجاب، وبُغْض جميع مبغوضاته؛ كالشرك، والكفر، والبدع، والمعاصي؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54]، وقال - سبحانه -: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [الممتحنة: 4]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أوثق عُرَى الإيمان الحبُّ في الله والبغض في الله))؛ أي: أقوى أصول الإيمان.
 
والموالاة المحرمة تنقسم إلى قسمين: تولٍّ وموالاة.
التولّي هو حب دين الكفار، أو نصرتهم على المسلمين، وهذا كفر مخرج من الملة بإجماع العلماء؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أنتَ مع من أحببت))؛ أي: معه في الدين والمصير.
 
وأما الموالاة، فهي حب الكافرين لدنياهم، ومن صورها الكلام بلغتهم لغير حاجة، ومصاحبتهم لغير دعوة إلى الله، والتشبه بهم في اللباس والمناهج والأعراف، والسفر لبلادهم لغير حاجة، فحكمها التحريم، ويخشى على المُصرِّ أن تصل به إلى التولي؛ لأن المعاصي بريد الكفر؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الممتحنة: 1]، ومحل الشاهد أنه - سبحانه وتعالى - أثبت الإيمان لمن ألقى المودة للكفار؛ لأن فعل ﴿ تُلْقُونَ ﴾ يدل على أن حب الكفار لدنياهم وقع من أهل الإيمان؛ وقال - تعالى -: ﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾ [آل عمران: 119]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن تشبَّه بقوم فهو منهم)).
 
تنبيه مهم:
يُحَبُّ المسلم في الله على قدر ما فيه من طاعة، وتُبغَض فيه المعصية، وهذا المعنى داخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)).
 
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢