أرشيف المقالات

الفرق بين النبي والرسول

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
الفرق بين النبي والرسول

دلَّ التتبُّع والاستقراء لأحوال النبيين والمرسَلين - عليهم من ربهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم - والنُّصوص الواردة بشأنهم على اشتراك النبيين والمرسلين في أمور:
1- الوحي: قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ [النساء: 163].

2- جنس الإرسال: قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الحج: 52].
 
3- أنَّ الأنبياء - وكذلك بعض الرُّسل - لا ينزل عليهم كتابٌ؛ بل يحكُمون بكتابٍ سابق؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44].
 
ولكن دلَّت نصوصٌ أخرى على وجود فرق بين المرسلين والنبيين:
‌أ- فقد دلَّ قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الحج: 52] ، على المُغايَرة بين النبيين والمرسلين؛ لأنَّ العطف في اللغة يدلُّ على المغايرة؛ أي: إنَّ الذي بعد الواو مُغايِرٌ للذي قبلها.
 
‌ب- وكذلك أنَّ الله تعالى وصَف بعضَ أنبيائه بالإرسال والنبوَّة معًا، ووصَف آخَرين بالنبوَّة فقط في مواضع أخرى؛ كما قال تعالى عن موسى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 51]، وقال عن إسماعيل: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54]، وقال عن إدريس: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 56]، وقال عن إسحاق: ﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 112].
 
‌ج- ومن الفَرق بين الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما يلي:
1- أنَّ النبي يُوحَى إليه - غالبًا - بشرعٍ سابق، والرسول - غالبًا - يُوحى إليه بشرعٍ جديد، وقد يجمَع لهم بينهما.
 
2- أنَّ النبيَّ يُرسَل إلى قومٍ مؤمنين برسالةٍ سابقة، والرسول يُرسَل إلى قومٍ لم تبلُغْهم رسالةٌ من قبله، أو بلغَتْهم ولكن كفَرُوا فخالَفوا أمرَ الله تعالى وممَّا يُوضِّح ذلك أنَّ إسحاق وإسماعيل وهما أخوان من ذريَّة إبراهيم عليهم الصلاة والسلام وصف إسحاق بالنبوَّة، ووصف إسماعيل بالرسالة والنبوَّة معًا؛ ذلك - والله أعلم - لأنَّ إسحاق خَلَفَ أباه إبراهيم في مَقرِّ إقامته بالشام، فصار نبيًّا لأتْباع إبراهيم وفي رسالته، وإسماعيل أُرسِل إلى «جُرْهُم» الذين لم تبلغهم رسالة إبراهيم قبله.
 
3- أنَّ النبي لا ينزل عليه كتاب وإنما يُؤمَر باتِّباع كتاب مَن قبله، أمَّا الرسول فغالبًا ينزل عليه كتابٌ، وقد يُكلَّف باتِّباع كتاب مَن قبله.
 
4- أنَّ الرسول أفضَلُ من النبيِّ بالإجماع؛ لتَميُّزه بالرسالة المطلَقة التي هي أفضل من النبوَّة، فإنَّ النبوَّة رسالة مُقيَّدة.
 
فاشتركا جميعًا في أنَّ كلاًّ منهما مُنبَّأ بشرعٍ من الله تعالى ومُرسَل إلى قومه، لكنَّ الرسول بُعث إلى قوم لم تبلُغهم رسالةٌ، أو بلغَتْهم وكفَرُوا بها، فمُهمَّة الرسول أعظم وأكبر وأجلُّ من مُهمَّة النبي؛ ولذا كان الرسل أفضل من الأنبياء، وفي كلٍّ فضلٌ عليهم الصلاة والسلام.

شارك الخبر

المرئيات-١