أرشيف المقالات

مع آية: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة)

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2مع آية: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة)   قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.[1] الخير كل الخير فيما أحله الله تعالى، والشر كل الشر فيما حرمه الله تعالى. ومن رحمة الله تعالى أن المحرمَ قليلٌ محدودٌ، والمباحَ كثيرٌ لا يُحَد. فاستغن بما أغناك الله من الحلال، ولا تمدنَّ عينيك إلى ما حرمه الله. ولا تقترب منه، فَإِنَّ أبويك أُخْرِجَا من الجنةِ، بِذَنْبٍ وَاحِدٍ. يَا نَاظِرًا يَرْنُو بِعَيْنَيْ رَاقِدٍ وَمُشَاهِدًا لِلْأَمْرِ غَيْرَ مُشَاهِدِ تَصِلُ الذُّنُوبَ إِلَى الذُّنُوبِ وَتَرْتَجِي دَرَجَ الْجِنَانِ وَنَيْلَ فَوْزِ الْعَابِدِ؟ أَنَسِيتَ رَبَّكَ حِينَ أَخْرَجَ آدَمًا مِنْهَا إِلَى الدُّنْيَا بِذَنْبٍ وَاحِدِ؟ ♦♦♦
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا ﴾.[2] هي حَسْرَةُ والله فِي نُفُوسِ المؤمنين مازالوا يتجرعون غصصها عَلَى مَا أَصَابَ آدَمَ مِنْ جَرَّاءِ الأكلِ من الشجرةِ التي نهاه الله تعالى عنها، حَسْرَةُ تدفعُ بصاحبها للعملِ للعودةِ إلى المنازلِ الأولى، والموطنِ الذي فقدناه. والله لو أنّ القلوبَ سليمةٌ لتقطعت أسفًا من الحرمانِ لكنها سكرى بحب حياتها الدُّ نيا، وسوف تفيق بعد زمانِ   فهل ترضى بالدنيا الدنيئة، التي لَيْسَتْ لَنَا بِدَارِ مَقَامٍ، فتجعلها كل همك ومبلغ علمك، وتسعى جهدك في تحصيل لذاتها، وأنت فيها غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، والنَّاسُ كُلُّهُمْ فِيهَا غُرَبَاءُ.   قَالَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ: كُنَّا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَسَبَانَا إِبْلِيسُ إِلَى الدُّنْيَا، فَلَيْسَ لَنَا إِلَّا الْهَمُّ وَالْحُزْنُ حَتَّى نُرَدَّ إِلَى الدَّارِ الَّتِي أُخْرِجْنَا مِنْهَا. ألم يهزك الشوقُ لدارِ البقاءِ؟ ألم يَحْدُ بك الأملُ ليومِ اللقاءِ؟ فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا مَنَازِلُكَ الْأُولَى وَفِيهَا الْمُخَيَّمُ وَلَكِنَّنَا سَبْيُ الْعَدُوِّ فَهَلْ تَرَى نَعُودُ إِلَى أَوْطَانِنَا وَنُسَلَّمُ؟ ♦♦♦
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ﴾.[3] تذكيرٌ بالْعَدَاوَةِ الأبدية بَيْنَ المؤمنين وَالشَّيْطَانِ، فاحذر أن تغفل عنه فإنه ليس بغافل عنك. قيل: للإمام أحمد أينام الشيطان؟ قال: لو نام لاسترحنا. وَقد ذكرك الله بعداوةِ الشَّيْطَانِ مرارًا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ﴾.[4] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ألَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِى آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنّهُ لَكُمْ عَدُو مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِى هذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾.[5] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾.[6] ومازال مِنْ بَنِى آدَمَ مَنْ يواليه، ويطيعه، ويغفلُ عن عَدَاوتِهِ وعَدَاوَةِ ذُرِّيَّتِهِ له: ﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلَا ﴾.[7]


[1] سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةَ/ 35. [2] سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةَ/ 36. [3] سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةَ/ 36. [4] سورة الْأَعْرَافِ: الْآيَةَ/ 27. [5] سورة يس: الْآيَةَ/60، 61. [6] سورة فَاطِرِ: الآية/ 6. [7] سورة الْكَهْفِ: الآية/ 50.



شارك الخبر