التحذير من الرياء والمرائين
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
التحذير من الرياء والمرائينالذين قال عنهم رب العزة والجلال: ﴿ يُرَاؤُونَ النَّاسَ ولاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاءِ وَلاَ إِلَى هَؤلاءِ ﴾ [1]، فهؤلاء يعملون العمل لا يبتغون به وجه الله عز وجل، إنما غايتهم العظمى إرضاء الناس والتقرب إليهم، فهم يراؤون ويكذبون، لأجل تحقيق مصالح معينة لهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركتُهُ وشركَهُ))[2]، وإنما يُعرفون بلحن القول، فأقوالهم تحمل في طياتها الكذب والتملق والتذبذب، قال تعالى: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقُولِ ﴾[3].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ ناساً قالوا له: إنَّا ندخلُ على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم؟ قال ابن عمر رضي الله عنهما: (كنا نعدُّ هذا نفاقاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم )[4].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من سمَّعَ سَمَّعَ الله به، ومن يرائي يُرائي الله به))[5].
وقد شرح الإمام النووي (رحمه الله) هذا الحديث: ((سمَّعّ)) بتشديد الميم، ومعناه: أظهر عمله للناس رياءً ((سمَّعَ الله به)) أي: فضحه الله يوم القيامة، ومعنى: ((من راءى)) أي: من أظهر للناس العمل الصالح لِيَعْظُمَ عندهم ((راءى الله به)) أي: أظهر سريرته على رؤوس الخلائق[6].
وقال الإمام المقدسي:
(ثم العجب من مغرور يطلب الدنيا بالثياب الرفيعة، والخيول الفارهة ونحو ذلك، وإذا خطر له خاطر الرياء قال: إنما غرضي بهذا إظهار العلم والعمل لإقتداء الناس بي ليهتدوا إلى الدين، ولو كان هذا قصده لفرح باقتداء الناس بغيره كما يفرح باقتدائهم به، لأن من كان قصده صلاح الخلق يفرح بصلاحهم على يد من كان، وكذلك من يدخل منهم على سلطان، ويتودد إليه، ويثني عليه، ويتواضع له ويقول: إنما غرضي بهذا أن أشفع في مسلم أو أدفع عنه الضرر، والله يعلم أنه لو ظهر لبعض أقرانه قبول عند السلطان لثقل عليه ذلك)[7].
[1] النساء: 142 -143.
[2] رواه مسلم برقم (2985).
[3] محمد: 30.
[4] رواه البخاري: 13/ 149 ، 150.
[5] رواه البخاري: 11/ 288 ، ومسلم برقم (2987) و (2986).
[6] رياض الصالحين ، ص 481.
[7] مختصر منهاج القاصدين ص 305.