أرشيف المقالات

67 - اصبر واحتسب يـا ...!! - شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - أم هانئ

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
  تقـول صاحبتنـا :
نما إلىّ أن أبي ومن معه من الرجال كانوا يتندرون في غالب الأحوال بقولهم فيما بينهم: اصبر واحتسب يا فلان !
تلك الجملة التي قلتها لأبي مُصَّبِّرة صارت مزحتهم  المفضلة، والتزم الرجال  تلكم المزحة حتى بعد أن انتهت  الرحلة!
وبعد ثلاث ليال وثلاثة أيام، حان وقت سفرنا في المساء على متن سفينة السلام، وبعد صلاة المغرب والعشاء، استحثنا إلى النزول الرفقاء؛ فنزلنا حاملي  أمتعتنا، وفي جانب الطريق كان اجتماعنا، وكانت بالبشر والأمتعة تموج المدينة:  منهم من سيسافر معنا على ذات السفينة، ومنهم من أوقفتهم الشرطة وحملتهم إلى مدينتنا الحزينة، وانتظرنا طويلا وكانت الرطوبة عالية؛ مما تسبب في تعرقنا بشبه أنهار جارية، وفي الأخير جاءت السيارات لتقلنا، وكان مجيئها من أسوأ ما حدث لنا؛ تبعثر الجمع؛  كل له سعي:

جاءت سيارة مسرعة فاضطر من كان في طريقها إلى  الفرار من أمامها، بينما أسرع من أراد السفر يجري خلفها؛ وحدث هرج ومرج ما له من حد، بينما التزمت مع رفيقتي وأبواي الجلوس على جانب مرتفع من الأرض: ظللنا نرقب ما يحدث عن كثب، ما يجري أمامنا من هزل وعجب!
وإذا بأخت لنا تمر مسرعة بجوارنا ألقت إلينا بأمتعتها، وقالت وهي تعدو مسرعة : سألحق بالسيارة أستوقفها لنا، فهاتوا الأمتعة والحقوني بسرعة!! فضحكت ورُفْقتي من فعلها، وبالطبع لم نعمل بحرف من كلامها، تابعناها بنظرنا وقلوبنا : فوالله ما كلّت حتى أفلحت في اللحاق بالسيارة واستقرت، ثم هي من نافذة السيارة أطلت، وبالإشارة إلينا للحاق بها أكثرت، فلم نحاول محض اللحاق  بها؛ لأن السيارة بعدت مسرعة على حالها!
بينما جاءت سيارة أخرى والحق كانت أقل من السابقة في السرعة،  فلما حاولنا اللحاق بها إذا أمم من الخلق بأمتعتهم على أبوابها؛ فضحكنا في مرارة، ولفتت أمي نظر الجميع منها بإشارة: فإذا أخت لنا تلقي أمتعتها داخل السيارة من إحدى النوافذ، ثم تحمل زوجها حملا إلى ذات النافذة ليجاوز، وإذا بالسيارة تسير في طريقها وما زالت أختنا في الطريق  تحاول إدخال رِجل زوجها؛ فأخذتنا خشية عليه، ويبدو أن من في السيارة قد أخذوا بيديه، حتى أدخل من نافذة السيارة المسرعة رجليه؛ ولم نستطع إلا الضحك، وقال أحدنا: يبدو أننا في سرك ...!!
وبينما وقفنا في جانب من الطريق في شبه دائرة، إذا بمجموعة من المارة تمر بجوارنا  مسرعة، فتدفع  بقوة زوج أخت لنا كان يقف بجوارنا، فيندفع بجسده مادا يديه إلى الأمام، وقد تعثر المسكين في أمتعتنا الموضوعة في أكوام، وكانت قابلته رفيقة تقف في سلام، فلما قدرت أنه سيقع عليها غالبا؛  تنحت بسرعة جانبا، فعاونه أبي على النهوض، ولم يتأذ - بفضل من الله - إلا في حدود، وإذا بزوجته الرءوم تعاتب أختنا التي تنحت وتلوم: أهكذا تتركينه يقع على الأرض ؟!
- فدفعت أختنا بانفعال وجد: هبي أنني لم أتنحَ عن مكاني قط ، لكان سقط عليّ ألا تعقلين ما تقولينه فقط ؟!
- فأسرع أبي يقول ممازحا: اصبر واحتسب تكن مفلحا!!

فهدأت أختنا، وأغرق في الضحك جمْعنا!!

ويتبـع .

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير