أرشيف المقالات

(322) سُنَّة الاستئذان بالسلام - إحياء - راغب السرجاني

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
من آداب الإسلام الرفيعة أدب الاستئذان؛ ويفعله البالغون إذا أرادوا الدخول على أحدٍ، وفي اليوم الذي يكبر فيه الطفل يُلْزِمْه الإسلام بالاستئذان؛ فقد قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور:59]، فالمجتمع المسلم يحرص على هذا الخُلُق الجميل، وله في ذلك سُنن وآداب..
ومن السُّنَّة النبوية أن يكون الاستئذان عن طريق إلقاء السلام، فقد روى الترمذي -وقال الألباني : صحيح- عن كَلَدَةَ بْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ رضي الله عنه بَعَثَهُ بِلَبَنٍ وَلِبَأٍ [1] وَضَغَابِيسَ [2] إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَعْلَى الوَادِي، قَالَ: "فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعْ فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ؟».
وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ صَفْوَانُ".
وروى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ: «لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ، أَوِ الْأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»".
فالاستئذان بالسلام ليس مجرَّد تنبيه إنما هو حسنات وأجر؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ».
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عِشْرُونَ».
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثُونَ»".
فلْتكن هذه هي طريقتنا في الاستئذان، ولْنحمل السلام لكل مجتمعاتنا.
ولا تنسوا شعارنا قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] اللبأ: أَوّلُ الأَلْبانِ عِنْدَ الوِلادةِ، وأَكثرُ مَا يَكُونُ ثلاثَ حَلْباتٍ وأَقله حَلْبةٌ.
ولَبأَتِ الشاةُ ولَدَها أَي أَرْضَعَتْه اللِّبَأَ.
[2] الضغابيس جمع الضغبوس: وهو القثاءة الصَّغِيرَة، والقثاءة واحدة القثاء وهو نوع من الْبِطِّيخ نباتي قريب من الْخِيَار لكنه أطول وَاسم جنس لما يُسمى بِمصْر الْخِيَار والعجور والفقوس.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣