كيف تحتسبين على زوجك؟! عشرون نصيحة للاحتساب على الزوج
مدة
قراءة المادة :
21 دقائق
.
إن الزوجة الصالحة يمكنها أن تكون سبباً في دخول زوجها الجنة أو الزج به في النار ؛ فالزواج رباط مقدس يربط بين الزوجين، ويؤلف بينهما، ويجب أن يقف كل منهما بجوار الآخر في دروب الحياة المتشابكة، وفي الحياة الصعبة التي صار الناس يعيشونها اليوم، فالزوجة الصالحة هي التي تدفع بزوجها إلى الالتزام، وتعينه على الخير.وكم من آهات تنطلق من أعماق بعض الزوجات، يعجزن عن كتمانها، ويبحثن عن علاجها، فهذه تقول: زوجي لا يصلي، وتلك تقول: زوجي سيء الأخلاق ، وتلك تقول: زوجي ينظر ويسمع الحرام، وأخرى تقول: زوجي مُقصر في عبادته، ورابعة تقول: زوجي يغتاب وينقل الكلام..فتحاول الزوجة المسكينة بشتى الطرق أن تجذب زوجها إلى شاطئ الإيمان ، وأن تغير شيئاً من سلوكياته وعاداته المنبوذة؛ ليكون قدوة صالحة لها ولأولادها، تحاول ولكن كثيراً ما تفشل! فتقف حائرة مطرقة، وقد علقّت آمالها على شماعة اليأس الذي بدأ يدب في أركان نفسها! فبعد أن كانت للغير مؤثرة، أصبحت بسلوك زوجها متأثرة!
والسبب أنها جهلت الطرق الصحيحة في كيفية التأثير والإنكار الناجحة، والتي تحتاج إلى الاستعانة بالله -أولاً- ثم إلى علم وجهد وصبر وسعة صدر.
وفي هذا الموضوع إليك -أختاه- مجموعة من النصائح والفوائد والقواعد في كيفية الاحتساب على الزوج ، تكون لكِ نبراساً ونوراً تضيء لكِ الطريق، حتى تحتسبي على زوجك على علم وبصيرة، فمن هذا القواعد:
- اخلصي لله في إصلاح زوجك: فإن الإخلاص هو العامل الأساسي في القبول والتأثير، فاجعلي نيتكِ سليمة، لا منةٍ تتبعها، ولا أذى يُلاحقها، فبالإخلاص وحده يقع التأثير، وكما قيل: ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة.
- لا بد أن تشعري بمسئوليتك في تغيير زوجك: فإن الزوجة المسلمة لا بد أن تستشعر مسئوليتها في تغيير سلوك زوجها؛ ولا بد أن تمتلك مع ذلك الإرادة والعزيمة الجادة على هذا التغيير، فأول خطوة في التغيير تبدأ من الإرادة القوية!.
فاعلمي: أن ما تقومين به من دعوة زوجك وجهادك لإخراجه من المعاصي التي يقع فيها هو من قبيل الواجبات لا المندوبات، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة، كل بحسب طاقته ووسعه، قال - تعالى -: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104].
فالزوجة قد يكون الإنكار على زوجها أوجب في حقها؛ لأنها تعلم بهذا المنكر، وغيرها قد لا يعلم به، فإذا رأت زوجها يتكاسل عن الصلوات، أو يتعاطى الغيبة أو النميمة، أو يشرب الدخان أو المسكر، أو يعصي والديه أو أحدهما، أو يقطع أرحامه أو أي أمر من المحرمات ولم تقم بواجبها، وهي أعرف الناس به، وأقرب الناس إليه، فمن يقوم بذلك؟!
- ابدئي أولاً بإصلاح نفسك: وهي الخطوة التالية بعد الإرادة والعزيمة على التغيير، وهذه الخطوة دل عليها القرآن الكريم بقوله - تعالى -: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[(11) سورة الرعد] فلاحظي مكمن الخلل والتقصير في نفسك أولاً، فلعل الخلل عندكِ، وكان بعض السلف يقول: "إني لأرى أثر معصيتي في خلق زوجتي ودابتي! "[2].
فكوني قدوة صالحة لزوجكِ وأولادكِ بحفظ اللسان ، والمحافظة على الصلاة وسننها وأذكارها، وقراءة القرآن الكريم وغيرها من الأعمال، فهذا والله أبلغ من ألف محاضرة وموعظة، وكما قيل: فاقد الشيء لا يُعطيه.
- لا بد أن تعلمي أن المطلوب هو بذل الجهد: ثم النتائج على الله - تعالى -، وليس للعبد من سبيل عليها، قال - تعالى -: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[القصص: 56].
وهذا يقتضي بذل كل ما في الوسع دون أن يتسلل الملل أو اليأس إلى قلب الزوجة الصالحة، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء) ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك) [3][أخرجه مسلم].
فالمطلوب منكِِ هو استفراغ ما في الوسع والجهد في سبيل استجابة الزوج إلى الصلاح والرشد، بتنوع الطرق والأساليب، على نحو ما فعل نوح مع قومه، كما قال - تعالى -: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً) [نوح: 5- 9].
ولا تقولي: أنا لست متعلمة، أو لا أحمل شهادات عليا، أو ليست لدى شخصية قوية، أو لا أملك أسلوباً للتعامل أو الحديث الحلو مع الزوج، فكل هذه الأمور ليست موانع، فالمرأة الصالحة تستطيع أن تؤثر على زوجها إن هي صبرت وصابرت، وبذلت واجتهدت.
- لا بد أن تعلمي أن الرجل لا يقبل نصح المرأة بسهولة: ولا يحب أن يدع شيئاً بتأثير منها؛ ولذلك لا بد أن تدرك المرأة أن الإنكار والنصح للزوج يختلف تماماً عن نصح باقي الناس، وفيه حساسية خاصة، تحتاج معه إلى فقه وعلم وحكمة.
- لا بد أن تعلمي أن للزوج حق عظيم عليك: فيحرُم عليك أن ترفعي صوتك عليه -ولو قصر في حق الله تعالى-، ولا أن تجعلي من ذلك سبباً في التقصير في حقوقه، وإنما خاطبيه حال النصح بكل هدوء ولطف ورقة وحنان وشفقة، بحيث لا تظهري له أنك أفضل منه، أو أنه سيء وآثم، وإنما الأفضل أن تتحدثي عن الذنب بطريقة غير مباشرة دون أن تتحدثي عنه هو، وإنما تلمحي له من خلال قصة مؤثرة، أو فتوى تذكريها، أو غير ذلك.
- استخدمي معه أسلوب الحوار والإقناع: فإن كان تقصيره في فريضة من الفرائض، فاذكري له عظم هذه الفريضة، وأهميتها، وكرري له ذلك بين فترة وأخرى، استجابة لأمر الله: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55] وإن كان تقصيره في ارتكاب منكر فبيني له عقوبته عند الله، وشؤم هذه المعصية على الأولاد والأسرة وزوال البركة والاطمئنان والسعادة.
- استخدمي الرفق والحكمة في نصح الزوج والإنكار عليه: فالمرأة لم تخلق من رأس الرجل لئلا تتعالى عليه، ولا من رجله لئلا يحتقرها، بل استلت من ضلعه لتكون تحت جناحه، وقريبة إلى قلبه، فيحبها وتحبه، فحنان المرأة وأنوثتها ورقتها هي النبع الجميل الذي يذوب فيه رأس الرجل كما تذوب كتلة الملح في عمق الماء[4].
فالرجل يذوب حباً في المرأة الوديعة الهادئة اللبقة، التي يحس أنها تطاوعه، وتجري على هواه، وأن تكون أطوع له من يده، وأرق من أحلام يقظته، هنا يهبها الرجل قلبه وعقله ولبه وماله ومستقبله.
فالغلظة والخشونة والعنف في الدعوة تنفر من الاستجابة، وتغلق القلوب قبل الآذان عن الاستجابة للحق، ولو كان واضحًا ظاهرًا كالشمس في رابعة النهار، وهذا ما أرشد إليه الحق- تبارك وتعالى -أنبياءه ورسله، فقال لموسى وهارون قبيل ذهابهما لفرعون الطاغية المتكبر: (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 44] وقال لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[النحل: 125].
- تقبلي زوجك على ما هو عليه: فإنه بشر، ولا بد أن تكون له أخطاء وعيوب، ومن ثم فننصحك بأن لا يضيق صدرك بهذه العيوب الموجودة في زوجك، وأن لا تقصري النظر عليها، بل ينبغي لك دائمًا أن تنظري إلى الجانب الإيجابي في الزوج، والصفات الحسنة فيه، ولا شك أنك ستجدين فيه العديد من هذه الصفات، فحاولي دائمًا أن تذكري نفسك بإيجابياته وصفاته الكريمة، وهذا سيخلق عندك نوعاً من التوازن، وسيُبقي قدرًا من الحب في قلبك لزوجك، وبهذا الحب تستطيعين التغلب على هذه الصفات السيئة لديه ومعالجتها.
فزوجك بشر وما من رجل إلا وعنده نقص، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل ابن آدم خطاء، وخير الخاطئين التوابون))[5] رواه الترمذي وأحمد وحسنه الألباني ].
- ذكري زوجك ببركة الطاعة على الأسرة وصلاح الأولاد: فالله يقول: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)[(82) سورة الكهف ] فإذا انشغل الوالدان بإصلاح ذاتهما تولى الله - تعالى - عنهم صلاح ذريتهما.
- ذكري زوجك بأنه قدوة لأبنائه: فالمرأة ليست وحدها القدوة بالنسبة للأبناء، بل الأب أيضاًَ هو قدوة للأبناء، وهو الأهم، فكيف يكون الأب المدخن قدوة لأولاده؟! وكيف يكون الأب القاطع للصلاة قدوة لهم؟!
وحذريه من الإثم الذي يحمله إذا اقتدى به غيره في عمله وخاصة أولاده؛ والله يقول: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) [النحل: 25].
- تخيري وقت مناسب للنصح والإنكار عليه: يكون فيه هادئ، ومرتاح البال، ولا تفتحي معه الموضوع المقصر فيه في أي وقت، وإنما إذا حان الوقت المناسب، فإذا وجدتيه قد استمع إلى كلمة مؤثرة مثلاً في التلفاز أو في غيره، فاتخذي هذا الوقت فرصة لتذكيره بضرورة التخلص من الأخطاء والتقصير والإهمال، والاستعداد للموت ولقاء الله.
- أن تتعرف الزوجة الصالحة والداعية على ما معها من أسلحة فعالة: في التأثير الايجابي على زوجها، فكثيرًا ما يفشل الحوار ولو كان بلغة المنطق والبرهان، وقد تعجز الزوجة عن تحقيق نتيجة بهذا الأسلوب، ولكن يمكنها التوصل إلى نتيجة بلغة التودد والإحسان، ذلك أن إتقان المرأة للغة التودد أفضل من إتقانها للغة الأخرى، ومن مفردات لغة الحوار بالتودد، التقديم بذكر جميل الزوج وكريم خصاله، والدعاء له بالهداية والرشاد، وأنها ما تبغي له إلا الخير، وأن يكون رفيقًا لها في الجنة، ثم ذكر ما يراد تغييره أو نقده بعد ذلك بطريقة لبقة حكيمة، مع اجتناب العبارات الخشنة والحادة.
- الصبر والاستمرار بأمر الزوج بالمعروف، ونهيه عن المنكر حتى ظهور النتائج: وعدم اليأس إذا طالت المدة والسقوط في منتصف الطريق، بل تكرر له النصيحة فلعل الله أن يلين قلبه، فهذه امرأة تقول: إنها ظلت توقظ زوجها سنة كاملة، وبشكل يومي رغم أنه لا يستجيب، بل ويؤذيها أيضاً حتى استجاب وصار محافظاً على صلاة الفجر بعد ذلك، ويؤكد هذا قول الشاعر:
ألا بالصبر تبلغ ما تريد *** وبالتقوى يلين لك الحديد
فالإنسان لا يحتاج في حياته شيئًا أكثر من الصبر، وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وأن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا))[6].
فالصبر هو السبيل إلى الغاية المنشودة، ولا يقصد بالصبر احتمال الشدائد فحسب، بل هو الصبر الجميل الذي لا تصاحبه الشكوى إلا لله، ولا يخالطه الجزع والسخط، صبر يقترن دائمًا بالرضا بالقضاء والثقة فيما عند الله، وأنه خير وأبقى.
- التخطيط والتجديد في الوسائل: اجعلي لكِ مذكرة صغيرة خاصة بزوجكِ، وضعي فيها أفكاراً:
- اسمعيه شريطاً مؤثراً في الخطأ الذي هو واقع فيه كأضرار التدخين مثلاً، فربما كان هذا من الوسائل النافعة للإقلاع عما هو فيه.
- إذا أردت أن تقنعيه بشيء فيمكنك أن تحيليه على غيرك من الأشخاص الموثوقين لديه المحبوبين عنده، كأصدقائه وأقاربه الذين تعرفين رجاحة رأيهم، فيمكنك أن تحيليه إليهم بطريق هادئ، كأن تقولي له مثلاً: لو استشرت أصدقاءك أو أقرباءك فلاناً أو فلاناً، فإنه ربما يُفيدونك في بعض هذه الآراء، أو ربما يكتمل رأيك مع رأيهم، أو نحو ذلك، فهذا خير من أن تُملي عليه أنت رأيًا مباشرًا يدعوه عناده إلى رده وصده والإصرار على ما كان عليه.
- اسمعيه بعض الآيات من كتاب الله - عز وجل - المناسبة للمنكر الذي يقع فيه كالنظر الحرام مثلاً أو غيره، وهكذا.
- اجعلي بعض الملصقات على سريره بخط جميل، وأوراق زاهية، وتحمل تذكيراً بموعد طاعة، أو عقاباً لطيفاً، أو تذكرة وموعظة قصيرة، وهكذا جددي وخططي.
- اعرضي عليه أقوال أهل العلم وفتاويهم فيما يقع فيه من منكرات لعله يتوب ويثوب.
كما أن زيادة القراءة والاطلاع في المواضيع والكتب وسماع الأشرطة التي تفتح للزوجة آفاقاً في ثقافة التعامل الزوجي ومهاراته، مما يعينها أيضاً ويبعث عندها الإصرار على محاولة تغيير سلوك زوجها.
- عليكِ بعد ذلك أن تستعينين بأهل العلم والورع: ليكونوا عونًا لك على هداية زوجك بمصاحبته ومجالسته؛ لأنه بالعلم الذي عندهم تحترق الشبهات، وبالتقوى والورع لديهم تحترق الشهوات، وبذلك يسد على الشيطان البابان الرئيسان اللذان يدخل منهما ليلبس على النفس ، ويزين لها التلبيس.
فلا بأس على الزوجة أن تستشير، وتسترشد وتطلب المساعدة في إصلاح زوجها من قريب صالح، أو بعيد ناصح مؤتمن.
- لتصلحي السلوك السيئ في زوجك لا بد أن تعززي الجانب المشرق فيه: اكسبي زوجك الثقة بالنفس، فامتدحي فيه الصفات الحسنة، وذكريه بنجاحاته السابقة التي حققها في حياتك معه، أو قبل زواجكما، اكتشفي مواهبه، فكثير من الناس لا يدرك حقيقة مواهبه، ويدله عليها الآخرون، شاركيه في الوقوف على سلبياته، ومحاولة مناقشتها وعلاجها؛ لأنك أقرب الناس إليه، ولا تنسي أن تبدي له النصيحة في ثوب جميل رقيق.
- اجعلي زوجك يشعر بأنك تتعلمين منه: اسأليه عن بعض أمور الدين، وناقشيها معه، بتواضع كتلميذة مع أستاذها؛ فإن هذا لا شك سوف يحفزه للبحث والاطلاع، كما أنه سيسعده، ويعلي همته، وبذلك تكونين قد أعنت زوجك على طلب العلم ، والاستفادة من وقته.
- لا تهملي معه الوعظ، فإن للوعظ الصادق من القلب المخلص شأن في إزالة المنكر: اسمعيه بحنان: "زوجي اتق الله، إن هذا محرم، إن هذا يضرك، إن هذا يضر بأبنائك وبيتك وأسرتك ونفسك".
حاولي دائمًا إسماعه بطريقة غير مباشرة بعض المواعظ التي تذكر الجنة والنار، ولقاء الله - تعالى -، والحساب والجزاء، والقبر وأهواله، ونحو ذلك، فإن تذكر الآخرة وما فيها من جزاء للمحسنين، وعقاب للمسيئين أعظم الأسباب التي تردع الإنسان عن إتيان المنكرات.
قوي فيه الإيمان وذلك بالأعمال الصالحة، وتجنب الأعمال السيئة، فإن ذلك من أعظم الأساليب التي يُجنب بها الإنسان الوقوع في المنكرات، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث: ((الإيمان قيد الفتك))[7].
- لا تستعملي أسلوب التجسس: لمعرفة أحوال الزوج ومنكراته، فدعيه وما هو فيه من أمره الباطن، حتى لا يكون هذا سبباً في ذهابه بعيدًا بهذه المنكرات فيصعب علاجها بعد ذلك.
- وأخيرًا: فإن على الزوجة الصالحة أن تستعين أولًا بالله - عز وجل -، في أداء مهمتها هذه العظيمة، وأن تتخير الأوقات المناسبة فتدعو الله - عز وجل - أن يهدي لها زوجها، ويقذف في قلبه الحق والنور المبين، يقول ابن القيم - رحمة الله تعالى-: "شهدت شيخ الإسلام -قدس الله روحه- إذا أعيته المسائل، واستصعبت عليه؛ فر منها إلى التوبة والاستغفار، والاستغاثة بالله، واللّجأ إليه، واستنزال الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته"[8].
فلزوم الدعاء من أقوى الأسباب وأعظمها، إن لم يكن سر الأسرار على الإطلاق، فعليكِ بمفرِّج الكربات، وقاضي الحاجات، مَنْ قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه، يقلبها كيف يشاء، ألِحِّي عليه بالدعاء، سليه بنفس خاشعة، وعين دامعة، واثقة باستجابته، سليه في ليلك ونهارك، وقيامك وقعودك، في سجودك، في عسرك ويسرك، سليه أن يؤلف بين قلبك وقلب زوجك على الخير، سليه أن يستر عليكما بستره الجميل، وأن يجعلكما قرة عين لبعض، سليه أن يزيد إيمان زوجك، ويخسأ شيطانه، ويرزقه العفاف والكفاف والقناعة، وألا يجعل لشياطين الإنس والجن عليه سبيلاً، ثم عليك بالصدقة فإنها مدعاة لمرضاة الله وستره وبركته ورحمته الواسعة.
ولتتذكري ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عند أبي داود وابن ماجه والنسائي: ((...
ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، ثم أيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء))[9]أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وأحمد].
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
_____________
[2] - ذم الهوى لأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن الجوزي (1/185) والقول للفضيل بن عياض - رحمه الله -.
[3] - أخرجه مسلم في القدر ، باب تصريف الله - تعالى - القلوب كيف شاء (ج 8/ص51- 6921).
[4]- المكتبة الشاملة: أرشيف ملتقى أهل الحديث (57/183) بتصرف.
[5] - أخرجه الترمذي (ج4/ص659- 2499) وأحمد (ج20/ص344- 13049) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (5/499- 2499).
[6] - أخرجه أحمد (ج1/ص307- 2804) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (ج5/ص496- 2382).
[7] - أخرجه أبو داود في الجهاد ، باب في العدو يؤتى على غرة ويتشبه بهم (ج3/ص43- 2771) وأحمد (ج3/ص41- 1426) وصححه الألباني في صحيح الجامع انظر حديث رقم: (2802).
[8] - إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/187).
[9] - أخرجه أبو داود في التطوع، باب قيام الليل (ج1/ص504- 1310) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل (ج1/ص424- 1336) وابن حبان في كتاب الصلاة، باب النوافل (ج6/ص306- 2567) والنسائي في السنن الكبرى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، الترغيب في قيام الليل (ج1/ص411- 1300) وأحمد (ج12/ص372- 7410) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (ج1/ص152- 625) وهو عند بعضهم "رش ورشت" بدل "نضح ونضحت".
صادق بن محمد الهادي