أرشيف المقالات

جرحك ينزف من عرقي

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
جُرْحُكَ يَنْزِفُ مِنْ عِرقِي


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ...
﴾.[1]
 
أليس عجيبًا أن يكون أهلُ: ﴿ وَاعْتَصِمُوا ﴾، أكثرَ النَّاسِ تشرذمًا، وتشتتًا؟
 
أليس عجيبًا أن يجمعنَا دين واحدٌ، ولغةٌ واحدةٌ، وعاداتٌ واحدةٌ، ووحدةٌ جغرافية واحدةٌ، ثم تقطع أوصالنا الأهواء، وتمزق وحدتنا النعرات؟
 
أليس عجيبًا أن تكون خير أمة في ذيل الأمم؟
أليس غريبًا أَنْ يتكتَّلَ أوزاعُ النَّاسِ، ويجتمعَ شَرَاذِمُهُم، ويتشرذمَ مجتمعُنَا، وتنحلَّ عُرَانَا، وتتمَزَّقَ أَوَاصِرُنا؟
لمثلِ هذَا يذوبُ القلبُ مِنْ كَمَدٍ *** إِنْ كَانَ فِي القلبِ إِسلامٌ وإِيمانُ

يا قومَنَا إِنَّ الفَشَلَ والضَّعْفَ، والضِّعَةَ والذلَّ الذي نحياه أثرٌ من آثارِ التنازعِ، ونتيجةٌ حتميةٌ للشقاقِ الذي يعصفُ بأُمَتِنَا؛ ﴿ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾[2].
 
يا قومَنَا نحن جسدٌ واحدٌ؛ قَالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»[3].
 
جُرْحُكَ يَنْزِفُ مِنْ عِرقِي، ونبضُكَ يُسْمَعُ مِنْ قَلبي.
زفراتك تحرق وجداني، وآهاتك تخرج من جوفي.
تؤلمني من أقصى الأرض جراح إخواني، وتحزنني منك يا أقصانا أنات جيراني.
فمتى نستفيق من غفلتنا؟ وننفض عنا غبار غفوتنا؟
ونلملم شمل نفوسنا؟ ونجمع شتات قلوبنا؟
اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور.






[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 103.


[2] سورة الأنفال: الآية/ 46.


[3] رواه البخاري-كِتَابُ الأَدَبِ، بَابُ رَحْمَةِ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ، حديث رقم: 6011، ومسلم-كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ، حديث رقم: 2586.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢