النسمة التاسعة - الزائر الأخير - (4) - هبي يا ريح الإيمان - خالد أبو شادي
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
3. فراق الأحبة: كان رجل من السلف يبلغه موت أخ من إخوته فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون..
كدت والله أن أكون أنا السواد المختطف، فيزيده الله بذلك جدا واجتهادا.
افهم يا هذا ما أقول: كان ملك الموت قريبا منك في الدار التي تجاورك وقبض منها أخاك، وكان من الممكن أن يغير وجهته، ويقبضك لكن الله أعطاك فرصة أخرى ومد لك في العمر حتى تفيق فهل أفقت؟!.
لطيفة: جاء رجل إلى الفضيل بن عياض فقال له: أوصني.
قال: هل مات والداك؟ قال: نعم، فقال: فقم عني، فإن من يحتاج إلى من يعظه بعد موت والديه لا تنفعه موعظة.
يا ساهيا عما يراد به *** آن الحيل وما حصلت من زاد
ترجو البناء صحيحا سالما أبدا *** هيهات أنت غدا فيمن غدا غاد
4.
الواعظ الصامت: لقد وعظتكم القبور فلم تترك مكانا لوعظي.
أخي..
كم مرة استمعت فيها لواعظ القبور؟! كم مرة زرتها.
إلى من يشكو قسوة القلب ، والرجوع إلى الذنب، ونكث العهد مع الرب، والبعد عن الله بعد القرب: ألم تسمع أبدا قبل عن وعظ القبور؟!.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزروها؛ فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة» (صحيح كما في ص ج ص رقم 4584).
يقول أديب الإسلام مصطفى صادق الرافعي: "من هرب من شيء تركه أمامه إلا القبر فما يهرب منه أحد إلا وجده أمامه، وهو أبدا ينتظر غير متململ، وأنت أبدا متقدم إليه غير راجع".
وأينما يذهب الإنسان تلقفته أسئلة كثيرة: ما اسمك؟ ما صنعتك؟ كم عمرك؟ كيف حالك؟ ما مذهبك؟ ما رأيك؟ ثم يبطل هذا كله عند القبر، وهناك يتحرك اللسان الأزلي بسؤال واحد للإنسان: ما عملك؟!.
لو كان بالقلب حياة!! رأى الحسن البصري شيخا في جنازة، فلما فرغ من الدفن قال له الحسن: يا شيخ ..
أسألك بربك ..
أتظن أن هذا الميت يود أن يرجع إلى الدنيا فيزيد من عمله الصالح ليستغفر الله من ذنوبه السالفة؟! قال الشيخ: اللهم نعم، فقال الحسن: فما بالنا لم نحصل درجة ميت؟! ثم انصرف وهو يقول: أي موعظة!! وما أنفعها ..
لو كان بالقلب حياة!!.