أرشيف المقالات

الوثنية الجديدة والعلمانية المسلمة - عبد الرحمن السميط

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
هاجر بعض دعاة الكنيسة من فلسطين إلى عاصمة الإمبراطورية الرومانية روما.
وواجه النصارى أشد أنواع البطش والتنكيل والقتل.
وعندما تحول الإمبراطور قسطنطين إلى النصرانية بعد انتصاره على أعدائه، تحولت الكنيسة من مظلوم إلى ظالم، لأن نشوة النصر عندها كمثل نشوة الخمر أحياناً.

بدأت بالدين وتفسيراته ثم توسعت فى كل العلوم البشرية، وبدأت تقدم تفسيراً كنسياً لكل ظاهرة علمية، وياويل من يقول بغير ما قالت به الكنيسة.
منعت كتب العلوم والطب لأنها لا تتوافق مع رأى الكنيسة التى تعالج الأمراض بعلق قبر القديس فلان، أو أكل تراب قبر القديس علان، أو زيارة قبر القديس الفلانى.

ترجم الجراح المشهور سرفينتوس كتاباً عن الدورة الدموية لابن النفيس ولم يذكر المصدر، بل ادعى أنه هو مكتشف الدورة الدموية وهذا يخالف رأى الكنيسة التى تقول: إن الدم يصل إلى القلب عبر ثقوب صغيرة، فاحرق سرفينتوس ومعه كتبه، كما تم إحراق عشرات العلماء على يد رجال الكنيسة.

وكاد جاليلو يحرق كذلك عندما كتب أن الأرض ليست مركز الفلك والأجرام (كما تقول الكنيسة) وفى النهاية رأف رجال الكنيسة به وأمروا بحرق كتبه وأن يحبس هو فى بيته حتى الموت .
وأخبار محاكم التفتيش التابعة للكنيسة وسردايب التعذيب والموت وقتل الملايين من النصارى والمسلمين تملأ الكتب.
وحتى اليوم لازالت الأمهات فى القرى جنوب أسبانيا تخوف أبنائها بأن صاحب الشحم سوف يأتى إذا لم يفعلو هذا أو ذاك.

وأصلها أنه عندما انتصر الأسبان الكاثوليك على المسلمين فى الأندلس ، كان القسس يدورون على القرى ومعهم شحم الخنزير يقدمونه للناس، فمن رفض أكله عرفوا أنه مسلم مستخف فقتلوه.
بل إنهم باعو صكوك الغفران لامتلاك أراضى فى الجنة ، وأدخلو بالحرمان بعض الناس إلى نار جهنم، وشهد التاريخ صراعاً بين العلم الذى لابد أن يتحرك إلى الأمام والكنيسة. وعندما انتصر العلم كان رد فعل الأوروبيين كراهية الكنيسة وإقصاءها عن شئون الحياة بل وشئون الدين، وكفرا بالكنيسة ورب الكنيسة.

لذلك نجد مئات الكنائس فى أوروبا تباع كل شهر بسبب قلة المصلين، وأصبح الله عند بقايا المؤمنين به موجوداً فى الكنيسة فقط، ليس له علاقة بالحياة، وأصبح غالبية الأوروبيين يؤمنون بالوثنية الجديدة.

هذا ما حدث فى أوروبا، فهل حدث مثل هذا فى الاسلام؟ نحن أتباع دين، كانت أول كلمة نزلت من كتابه على رسولنا صلى الله عليه وسلم: (اقرأ) لقد قدس الاسلام مداد العلماء حتى جعله أفضل من دماء الشهداء وجعل طلب العلم من المهد إلى اللحد واجباً، مما شجع علماءنا على السفر مشياً من بغداد إلى صنعاء ومن الأندلس إلى بغداد، ومن العراق إلى مكة طلباً للعلم ورغبة فى الأجر لأن الله تعالى يقول فى كتابه العزيز: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9].
وجعل من أكرم الدعاء : {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:114] وآيات وأحاديث كثيرة فى هذا الباب.

لم نعرف فى تاريخنا عالماً أُحرق.
ولا كتباً علمية مُنعت، بل رأينا أسماء مثل ابن الهيثم والخوارزمى وجابر بن حيان كانوا يكرمون فى كل مجلس.
فهل يخبرنا العلمانيون من أعداء الإسلام لماذا يطالبون بالحرب على الإسلام وسجنه فى المساجد والقلوب؟ فهل حدث لنا مثلما حدث للأوروبيين، أم أنه التقليد الأعمى بلا عقل ولا تفكير؟!!

أذكر عندما وصل (جاجارين) إلى القمر، حاول بعض الخبثاء جر أحد العلماء ليفتى بأن ذلك حرام وكذب، وأثارت الفتوى ضجة فى كل العالم ونشرت فى كثير من الصحف الغربية التى تستهزى بناء وهناك عشرات القصص الفردية مثل هذه، الفتاوى الفردية تعبر عن الإسلام؟ ألم يحرم بعض العلماء فى الكويت الإنجليزية واستخدام الهاتف..
لقد مضى هؤلاء ومضت فتاواهم وبقى الإسلام سداً منيعاً.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢