هو الإمام حبر القرآن: نافع بن عبدالرحمن بن أبي نعيم، أحد القراء السبعة، أصله من أصبهان، ولد بالمدينة سنة 70 وقيل 71هـ في خلافة عبدالملك بن مروان, وكان أسود اللون حالكا صبيح الوجه حسن الخلق، فيه دعابة، أخذ القراءة عرضا عن جماعة من تابعي أهل المدينة، أقرأ الناس دهرا طويلا؛ نيفا عن سبعين سنة، وانتهت إليه رياسة القراءة بالمدينة، قيل: إنه كان يشم منه رائحة المسك حين يقرأ القرآن، وكان زاهدا جوادا، صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة، وكان الإمام أحمد يقدم قراءته على قراءة عاصم، توفي في المدينة.


هو محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أبو عبد الله المهدي، أمير المؤمنين، لقب بالمهدي رجاء أن يكون الموعود به في الأحاديث، فلم يكن به.

ولد بالحميمة من أرض البلقاء سنة 126هـ، وقيل 127هـ، وولي الخلافة بعد أبيه سنة 158هـ في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وعمره إذ ذاك 33 سنة، وكان أسمر طويلا جعد الشعر.

وكان من مآثره تتبعه للزنادقة في عهده، حتى قتل عدد منهم صبرا بين يديه, وقيل: إن سبب وفاته أنه خرج إلى ماسبذان، بعد أن عزم على خلع ابنه موسى الهادي والبيعة للرشيد بولاية العهد وتقديمه على الهادي، فبعث إليه فلم يأت فخرج المهدي إليه فمات في الطريق, بسبب إصابة في ظهره وهو يلحق الصيد، وقيل: بل مات مسموما، وكانت خلافته عشر سنين وشهرا؛ ودفن تحت جوزة كان يجلس تحتها، وصلى عليه ابنه الرشيد.


وبويع لموسى الهادي في اليوم الذي مات فيه المهدي، وهو مقيم بجرجان، يحارب أهل طبرستان.


ظهر الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمدينة، وذلك أنه أصبح يوما وقد لبس البياض وجلس في المسجد النبوي، وجاء الناس إلى الصلاة، فلما رأوه ولوا راجعين، والتف عليه جماعة فبايعوه على الكتاب والسنة والرضا من أهل البيت, وكان سبب خروجه أن متولي المدينة خرج منها إلى بغداد ليهنئ الخليفة الهادي بالولاية ويعزيه في أبيه.

ثم جرت أمور اقتضت خروجه، والتف عليه جماعة وجعلوا مأواهم المسجد النبوي، ومنعوا الناس من الصلاة فيه، ولم يجبه أهل المدينة إلى ما أراده، بل جعلوا يدعون عليه لانتهاكه المسجد، حتى ذكر أنهم كانوا يقذرون في جنبات المسجد، وقد اقتتلوا مع المسودة مرات، فقتل من هؤلاء وهؤلاء.

ثم ارتحل إلى مكة فأقام بها إلى زمن الحج، فبعث إليه الهادي جيشا فقاتلوه بعد فراغ الناس من الموسم، فقتلوه وقتلوا طائفة من أصحابه، وهرب بقيتهم وتفرقوا شذر مذر, منهم إدريس بن عبدالله الذي أسس دولة الأدارسة العلوية بالمغرب, وكان موقع المعركة يسمى فخ بمكة عبارة عن فج من فجاجها.