باب أمر ولاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلةعنهم وعن حوائجهم

    قَالَ الله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:215] . وقال تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90] .


    653 وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قَالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: "كُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُمْ مسؤولٌ عنْ رعِيتِهِ: الإمامُ راعٍ ومَسْؤُولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهلِهِ وَمسؤولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرأَةُ راعيةٌ في بيتِ زَوجها وَمسؤولةًّ عَنْ رعِيَّتِها، والخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيتِهِ، وكُلُّكُم رَاعٍ ومسؤُولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ" متفقٌ عَلَيْهِ.


    654 وعن أَبي يَعْلى مَعْقِل بن يَسَارٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: سمعتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: "مَا مِن عبدٍ يسترعِيهِ اللَّه رعيَّةً، يَمُوتُ يومَ يَموتُ وهُوَ غَاشٌ لِرَعِيَّتِهِ، إلاَّ حَرَّمَ اللَّه علَيهِ الجَنَّةَ" متفقٌ عليه.
    وفي روايةٍ: "فَلَم يَحُطهَا بِنُصْحهِ لَمْ يجِد رَائحَةَ الجَنَّة". وفي روايةٍ لمسلم: "مَا مِن أَمِيرٍ يَلِي أُمورَ المُسلِمينَ، ثُمَّ لا يَجهَدُ لَهُم، ويَنْصحُ لهُم، إلاَّ لَم يَدخُل مَعَهُمُ الجَنَّةَ".


    655 وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ في بيتي هَذَا: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلي مِنْ أمْرِ أُمتي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارفُقْ بِهِ" رواه مسلم.


    656 وعن أَبي هريرةَ رضي اللَّه عنه قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "كَانَت بَنُو إسرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ، وَإنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعدي، وسَيَكُونُ بَعدي خُلَفَاءُ فَيَكثُرُونَ"قالوا: يَا رسول اللَّه فَما تَأْمُرُنَا؟ قَالَ:"أَوفُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فالأَوَّلِ، ثُمَّ أَعطُوهُم حَقَّهُم، وَاسأَلوا اللَّه الَّذِي لَكُم، فَإنَّ اللَّه سائِلُهم عمَّا استَرعاهُم "متفقٌ عليه.


    657 وعن عائِذ بن عمروٍ رضي اللَّه عنه أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُبيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ، فَقَالَ لَهُ: أَيْ بُنَيَّ، إنِّي سَمِعتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: "إنَّ شَرَّ الرِّعاءِ الحُطَمةُ" فإيَّاكَ أن تَكُونَ مِنْهُم، متفقٌ عليه.


    658 وعن أَبي مريمَ الأَزدِيِّ رضي اللَّه عنه، أَنه قَالَ لمعَاوِيةَ رضي اللَّه عنه: سَمِعتُ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ:"مَنْ ولاَّهُ اللَّه شَيئاً مِن أُمورِ المُسلِمينَ فَاحَتجَبَ دُونَ حَاجتهِمِ وخَلَّتِهم وفَقرِهم، احتَجَب اللَّه دُونَ حَاجَتِه وخَلَّتِهِ وفَقرِهِ يومَ القِيامةِ"فَجعَل مُعَاوِيةُ رجُلا عَلَى حَوَائجِ الناسِ. رواه أَبُو داودَ، والترمذي.