عنوان الفتوى : تسكن مع عائلة زوجها رغم وجود شقة منفصلة !

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

هذه ليست حالتي وحدي ولكنها تخص كثيراً من النساء الذين يُردن الحجاب الشرعي "النقاب" ، نحن نعيش مع أزواجنا مع عائلاتهم في منزل واحد ، أي : يوجد إخوة رجال معنا في نفس المنزل ، ولا يوجد خادمة ، فنحن من نقوم بالأعمال المنزلية ، وهي كثيرة وشاقة ، ولا مانع من أن يدخل أحد أقارب أزواجنا كالعم والخال بدون إذن ، فالبيت مفتوح ، وإذا قمنا بتنظيف البلكون يرانا الجيران وجميع من في الشارع . فهل يصح لنا ارتداء النقاب عند الخروج فقط ؟ أم نرتديه في المنزل من الصباح وحتى المساء ؟ علما بأن هذا سيكون شاقّاً جدّاً علينا ، وأنا لي شقتي الخاصة ، ولا ندخلها إلا عند النوم ، فنحن نقيم مع عائلة زوجي المكونة من أخ واحد وأمه ، مع العلم أننا بإمكاننا أن نستقل بأنفسنا في المعيشة ، ولكن زوجي لا يريد ذلك ، ماذا نفعل ؟.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

يتأكد وجوب الحجاب في الحالات التي تكون مظنة وقوع الفتنة ، واجتماع الأسرة الكبيرة في بيت واحد ، تجتمع فيه الزوجة مع إخوة زوجها ، أو مع أبناء العم أو الخال ، كل ذلك مدعاة لانكسار حاجز الحياء ، وطمع النفوس فيما يمليه الشيطان ويزينه ، فحينئذ لا بد من محافظة المرأة على ستر وجهها أمام غير المحارم ، وتحمل المشقة في سبيل ذلك .

وفي موقعنا مجموعة من الأسئلة التي هي شبيهة بهذا السؤال ، وقد سبق فيها التأكيد على وجوب الحجاب والستر ، فيمكنك مراجعتها والاستفادة منها ، ومنها : (6408) ، (13261) ، (40618) ، (47764) ، (52814) .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :

" أما أخو الزوج ، أو زوج الأخت ، أو أبناء العم ، وأبناء الخال ، والخالة ، ونحوهم : فليسوا من المحارم ، وليس لهم النظر إلى وجه المرأة ، ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم ؛ لما في ذلك من افتتانهم بها ، فعن عقبه بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت ) متفق عليه ،

والمراد بالحمو : أخو الزوج ، وعمه ، ونحوهما ؛ وذلك لأنهم يدخلون البيت بدون ريبة ، ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها ، وعلى ذلك لا يجوز لها أن تكشف لهم عن زينتها ، ولو كانوا صالحين موثوقاً بهم ؛ لأن الله حصر جواز إبداء الزينة في المحارم فقط ، وليس أخو الزوج ولا عمه ولا ابن عمه ونحوهم منهم ، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) والمراد بـ " ذي المحرم " مَنْ يحرم عليه نكاحها على التأبيد لنسب ، أو مصاهرة ، أو رضاع : كالأب ، والابن ، والأخ ، والعم ، ومن يجري مجراهم ، وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة أن ذلك عادة أهلهم أو أهل بلدهم فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم في إزالة هذه العادة ، وأن يتعاونوا في القضاء عليها والتخلص من شرها ، محافظة على الأعراض ، وتعاوناً على البر والتقوى ، وتنفيذاً لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها ، وأن يجتهدوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه ، ولا تأخذهم في نصرة الحق وإبطال الباطل لومة لائم ، ولا يردهم عن ذلك سخرية أو استهزاء من بعض الناس ، فإن الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف من عقابه ، ولو خالفه في ذلك أقرب الناس وأحب الناس إليه " انتهى .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 256 - 258 ) .

والنصيحة للزوج أن يسعى جاهدا للاستقلال بالمسكن عن أسرته ، ولا يتساهل في مثل هذه الأمور ، فقد استرعاه الله رعية يجب أن يحافظ عليها ، وليس في الإصرار على العيش مع أسرته وإخوانه في مكان واحد محافظة عليها .

وليس من حقوق الزوج على زوجته أن يجبرها على المعيشة مع أهله ، بل يجب عليه أن يجهز له سكناً مستقلاً متى طلبت ذلك ، وقد سبق تفصيل ذلك بأدلته وأقوال العلماء فيه في جواب السؤال رقم (7653) .

ومثل هذه الحال التي ذكرتيها لا تخلو من منكرات ، فإنه يشق على المرأة أن تلبس حجابها الكامل ـ حتى في البيت ـ من الصباح إلى المساء ، ولا يمكنها أن تقوم بأعمال المنزل وهي بحجابها الكامل ، فلابد من كشفها لوجهها ويديها .....وغير ذلك ، وحينئذ يراها أخو زوجها وغيره ممن لا يجوز لهم رؤيتها ، ولا يجوز لها أن تخلع حجابها أمامهم .

فلا يجوز للزوج أن يلزم زوجته بذلك ، فينقص إيمانها ، وينتزع منها الحياء شيئاً فشيئاً ، فإنه راع ومسئول عن رعيته .

وقد ذكرت في سؤالك أن لك شقة خاصة ، فما الذي يمنع زوجك من إحسان عشرتك والمحافظة عليك ، في شقتك الخاصة ، بدلاً من الإقامة الدائمة ـ طوال النهار ـ مع أهل زوجك ، مع ما فيها من مشقة عليك ووقوع فيما حرم الله تعالى .

نسأل الله تعالى أن يهدي زوجك لما فيه خيركما في الدنيا والآخرة .

والله أعلم .