عنوان الفتوى : العمل في إصلاح أجهزة التلفاز
بسم الله الرحمن الرحيم أعمل في إصلاح التلفزيون وبعد فترة طويلة من البحث اقتنعت أن ترك إصلاح التلفزيون أولى، لكن الآن أنا متزوج وعمري حوالي 28 سنة وليس لي دخل آخر، فهل من الممكن أن أستمر في هذه المهنة فترة من الزمن حتى أجمع مبلغا لإتمام أي مشروع آخر حلال، ملحوظة: محلي في الريف أغلب الناس يستخدمون الدش المركزي بما فيه من القنوات الدينية وغيرها، وأيضاً القنوات العادية ولكن ليست إباحية، وخاصة يشاهدون قناة الناس وغيرها، فهل الآن أنا واقع في الحرام ودعائي لا يقبل، لأن الشيطان يدخل لي من هذا المدخل يريد إفساد طاعتي؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإصلاح أجهزة التلفزيون والفيديو والدش جائز، ولكن لا يجوز إصلاحها لمن يُعلم أو يُظن أنه يستخدمها في الحرام، سواء صرح بذلك أو علم بالقرائن، وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز بيع العنب لمن يتخذه خمراً... والسلاح لقاطع الطريق أو الباغي، وكذلك تأجير المنزل لمن يستخدمه في معصية الله تعالى.... وهكذا لأن في هذا عوناً على المعصية، وهو من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، فدل ذلك على حرمة كل تسبب في المعصية وإعانة صاحبها عليها، وكذلك كل تصرف يفضي إلى المعصية.
وعليه، فما اقتنعت به من أن ترك إصلاح التلفزيون أولى هو اقتناع صحيح، ويُرجى أن يجعل لك الله بدل هذه المهنة خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة، وما ذكرته من وضعك واحتياجك إلى هذه المهنة، فجوابه أن لك أن تمارس منها ما غلب على ظنك أنه لا يستخدم في الحرام، واعلم أن الحرام لا يقتصر على مشاهدة الفواحش ونحوها من أنواع الرذيلة، بل منه أيضاً المسرحيات الماجنة والتمثيليات التي تظهر فيها المرأة متبرجة، ومنه كذلك ما تعرضه بعض القنوات من المخالفات الشرعية والجرائم التي أقل ما ينشأ عنها أنها تنشر تلك الأخلاق والممارسات بين أوساط المجتمع، مع ما فيها من تضييع للوقت.
ولو افترضنا جدلاً أن الناس في الريف لا يشاهدون شيئاً من الممارسات المنهي عنها، فإن اختيار مهنة غير هذه بعيدة عن كل الشبه أولى بالمسلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
والله أعلم.