عنوان الفتوى : رحمة الله تعالى تغلب غضبه
كثير ما نقرا أحاديث فيها موجبات رحمة الله تعالى و محبته للعبد، وفي نفس الوقت هناك أحاديث في الوعيد والغضب وقد تجتمع في المسلم في يوم واحد، فكيف يكون مرحوما ومغضوبا عليه في وقت واحد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى من صفاته الرحمة ورحمته تسبق غضبه، فقد أخبر عن نفسه فقال: إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ{لأعراف: 167} وقال: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العِقَابِ {الرعد:6}
وفي الصحيحين: لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي. وفي رواية: إن رحمتي سبقت غضبي.
وبناء عليه، فإن من عمل معاصي تغضب الله ثم عمل بعدها أعمالا يحبها الله وتاب مما سبق فإن الله يغفر له ويرحمه كما قال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {الأنعام:54} وقال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة:39}
وأما من عمل من المسلمين سيئات ولم يتب ولم يعمل ما يكفرها فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، فتكرار التبشير للمطيع بالرحمة والإنذار للعاصي بالعذاب مسألة كثيرة الورود في الكتاب والسنة وهي تربي الرغبة والرهبة والخوف والرجاء في نفوس العباد، وقديما قال أهل العلم سنة الله في كتابه أن يعاقب بين وعده ووعيده تنشيطا لاكتساب ما يزلف وتثبيطا عن اقتراف ما يتلف.
والله أعلم.