عنوان الفتوى : أداء الحقوق للعباد قبل الموت
ماحق العباد على العباد يوم القيامة فأنا ارتكبت معاصي في شبابي وتبت توبه نصوحا ورجعت إلى الله ولكن مايؤرقني هو حق العباد عليَّ فأنا ارتكبت معصية مع امرأة متزوجة فما حق زوجها عليَّ كذلك واعدت في شبابي فتيات كثيرة بالزواج ولكن في قرارة نفسي لا أنوي الزواج بإحداهن أفيدونا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من كان عليه حق للعباد يجب عليه أن يؤديه إليهم في الدنيا قبل أن يموت ويقضى لهم من حسناته أو يوضع عليه من سيئاتهم ، وذلك لما في حديث البخاري : من كانت له مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه .
وهذا يشمل الحقوق المالية كمن تعدى على مال لأخيه المسلم لما في الحديث : على اليد ما أخذت حتى تؤديه . رواه أحمد .
ويشمل الحقوق المعنوية كمن تعدى على عرض أخيه أو خانه في أهله ، فقد ذكر النووي في رياض الصالحين أن من شروط التوبة من الذنب المتعلقة بحق الآدمي : أن يبرأ من صاحب الحق فإن كان مالا رده إليه ، وإن كان حد قذف مكنه منه أو طلب عفوه ، وإن كان غيبة استحله منها .
واعلم أن خيانة الرجل في أهله من أخطر أنواع الاعتداء ولا سيما عند غياب الزوج في بعض أنواع الجهاد ومنها التكسب ، فربما تسلب من لم يتحلل منه في الدنيا ويستسمحه جميع حسناته كما يدل له حديث مسلم : حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ، فما ظنكم ، وفي رواية :فيقال: خذ من حسناته ما شئت .
هذا وقد ذكر أهل العلم أن الزوج لا يصارح في خيانته لأن ذلك قد يغضبه وتتفاقم المشكلة, وإنما يتعين أن تحسن إليه وتترضاه وتطلب السماح في جميع الحقوق .
وأما الوعد بالزواج فأمره أخف مما سبق لأن الجمهور لا يرون وجوب الوفاء بالوعد, وإنما يرون أنه مندوب فقط ، إلا أن الوعد بنية عدم الوفاء أصلا قريب من الكذب على من تعدها, والكذب محرم, ويشتد أمره إذا ترتب عليه لحوق ضرر بأحد ، كأن ترد المرأة من يخطبها بسبب تواعدك معها أو ما أشبه ذلك ، ثم إن كان هذا الوعد وسيلة إلى ارتكاب الحرام معها فإن الأمر يزداد حرمة ، وعلى كل فالسلاح الفعال للتخلص من ذلك كله هو التوبة الصادقة .
والله أعلم .