عنوان الفتوى : المشاركة في نقابة لرفع الظلم عن العاملين
أنا شاب مسلم مغربي أنتمي إلى حركة إسلامية وموظف بإحدى المؤسسات العمومية منذ أزيد من عشرين سنة أسسنا أنا وبعض الإخوة نقابة بهذه المؤسسة من أجل رفع الظلم عن الطبقة العاملة ورشحنا أحد الإخوة كاتبا عاما لهذه النقابة نظرا لخبرته في الميدان الحركي لكنه خيب آمالنا بعد أن أعطته الإدارة منزلا يسكنه بدون حق قانوني مما أدى إلى تلويث سمعتنا أمام الجميع فقمت أنا وبعض الإخوة وأحسبهم قلة نطالب الأخ ونأمره بالتخلي عن هذا العرض الملوث لكنه أعترض بشدة مبررا أنه يعيش بمنزل ضيق هو وستة من أفراد عائلته فقررت أن أعتزل هذه النقابة بعدما تيقنت أني لا أستطيع التغيير ولا يمكنني المواجهة وحدي وأن أهتم بالعمل الدعوي فقط . فهل أنا على صواب ؟ علما أن هذه النقابة لا تهتم إلا بالمطالبة بالحقوق ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من تأسيس هذه النقابة إذا كان الهدف منها هو السعي في مصالح الموظفين وقضاء حوائجهم ، لدخولها في عموم قوله تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2 } لكن الواجب على أعضاء مثل هذه النقابات أن يختاروا الأمناء الذين يقومون عليها ويديرون أمرها ، والأفضل أن ينضبط القائمون عليها في وضع قوانينها ولوائحها بالقوانين واللوائح العامة ما لم تخالف الشرع الحنيف ، فمراعاة الواقع أمر مشروع في الجملة مالم يوقع في الإثم .
وبناء على ذلك فإذا كان المسكن الذي منحته الإدارة لكاتب جمعيتكم لا يتصادم مع اللوائح الداخلية للنقابة فلا نرى مانعا من منحه إياه ، أما إذا كان مخالفا لها فلا يجوز له أخذه ولا يجوز لغيره أن يعينه على أخذه وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : المسلمون على شروطهم . رواه أبو داود والترمذي وغيرهما .
وفي الموطأ أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم وهو من الفقهاء الأجلاء قال : ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا . ويعني بالناس الصحابة وكبار التابعين الذين عاصرهم .
ولا عبرة حينئذ بمخالفته للقوانين العامة إذ لا دخل لها فيما ذكر، فالنقابة هيئة خاصة منفصلة ولا يطبق عليها سوى ما اتفق عليه أعضاؤها من شروط بموجب الحديث الذي قدمناه .
أما إذا كانت هذه النقابة تخضع في نظامها للقوانين العامة للدولة فالواجب هو الالتزام بما تنص عليه تلك القوانين ما لم يخالف شرع الله تعالى ، أو يتعارض مع المصالح العامة عملا بالنصوص الخاصة بالوفاء بالشروط التي لا إثم فيها . وراجع الفتوى رقم : 63340 .
ولا نرى مانعا من استمرارك في هذه النقابة إعانة للغير على البر والخير ولو حصل ما ذكرت ، ما دام العمل يسير وفق الشرع ، وحصول مثل هذه المخالفات يوجب السعي في إزالتها لا ترك العمل لأجلها .
والله أعلم .