عنوان الفتوى : الختم على القلب.. معناه.. علاماته.. وعلاجه
عندي مشكلة مع الأعمال القلبية لا أدري كيف إصلاحها ولا أعلم ما معنى أن " يختم أحد على قلبه ". أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأسباب المؤدية إلى الختم على القلب والطبع عليه هي كل ما لا يرضي الله تعالى من الخطايا والمعاصي؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا أخطأ نكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن زيد عاد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكره الله: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {المطففين: 14} رواه الترمذي. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأما عن علامة الختم على القلب فنقول: إن عدم استجابة الأوامر لله سبحانه وتعالى هو العلامة، فالقلب المختوم عليه هو الذي لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره ونهيه، بل هو دائر مع شهوات صاحبه ولذاته ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، وقد ذكر ابن القيم في إغاثة اللهفان أن أنواع القلوب ثلاثة:
1- قلب سليم وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به. قال تعالى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ {الشعراء: 88-89} والقلب السليم هو الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبالجملة فالقلب السليم الصحيح هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما، بل قد خلصت عبادته لله إرادة وتوكلا ومحبة وإنابة وإخباتا وخشية ورجاء.
2- قلب ميت وهو المتعبد لغير الله حبا وخوفا ورجاء ورضا وسخطا، إن أبغض أبغض لهواه، وإن أحب أحب لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فالهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه.
3- قلب مريض وهو الذي له حياة وبه علة، فله مادتان: تمده هذه مرة وهذه مرة أخرى، وهو لما غلب عليه منهما، ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات والحرص على تحصيلها ما هو مادة هلاكه وعطبه.
وأهم علاج للقلوب قراءة القرآن فإنه شفاء لما في الصدور من الشك، ويزيل ما فيها من الشرك ودنس الكفر وأمراض الشبهات والشهوات، وهو هدى لمن علم بالحق وعمل به، ورحمة لما يحصل به للمؤمنين من الثواب العاجل والآجل: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا {الأنعام: 122} فالقلب محل نظر الله تعالى، فيجب على المرء أن يوليه من العناية والاهتمام بقدر جلال الناظر إليه. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم.
والله أعلم.