عنوان الفتوى : الإحسان إلى الحشرات وقتلها
ورد في الحديث أن امرأة عذبت في هرة حبستها لاهي أطعمتها ولا تركتها...) الحديث.هل ينطبق هذا الوعيد على من حبس نملة أو صرصورا أو خنفساء وحبسها حتى ماتت؟مغزى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أعطى الإسلام للحيوان حرمة ونهى عن تعذيبه وقتله لغير حق، وأمر بإحسان قتل ما أذن في قتله منه، فمن ابتغى وراء ذلك فقد اعتدى وأثم . ففي الحديث : إذا قتلتم فأحسنوا القتله . رواه مسلم، ونهى صلى الله عليه وسلم عن تحريق الحيوان بالنار كما عند أبي داود وغيره : لا تعذبوا خلق الله . ذكره الشوكاني في فتح القدير، وثبت أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، وأن رجلاً غفر له في كلب سقاه، وقال صلى الله عليه وسلم : في كل كبد رطبة أجر . متفق عليه .
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تلك القصة للاتعاظ والاعتبار والتحذير من مثل ذلك الفعل، فلا يجوز لأحد حبس حيوان محترم إلى الموت فإما أن يطعمه ويسقيه وإما أن يخلي سبيله وإن كان مما أذن في قتله لأذيته فيجوز قتله ولكن بإحسان ، وهذا يدل على عظمة هذا الدين واحترامه لجميع الكائنات قال تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ {الأنعام : 38 } وقال تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود: 6 } فما خلق الله تعالى ذلك عبثاً، فيجب على المسلم احترام جميع الكائنات وعدم إيذائها بغير حق سوى ما أذن له في قتله منها لكونه مؤذيا كالحية والعقرب والكلب العقور والحدأة والغراب والنمل إذا آذى وكذلك الصراصير وغيرها مما يؤذي فللإنسان قتله ولكن بإحسان كما قال أهل العلم وانظر الفتوى رقم : 38366 .
وفي الإقناع قال : وفي معنى الرقيق كل حيوان محترم مملوك فتجب نفقته، وأما غير المحترم كالفواسق فلا تلزمه نفقتها ولا يجوز له حبسها لتموت لخبر : إذا قتلتم فأحسنوا القتلة . انتهى منه بتصرف .
وقال ابن عبد البر في التمهيد: فقال صلى الله عليه وسلم : في كل كبد رطبة أجر . دليل على أنه لا يجوز قتل شيء من الحيوان إلا ما أضر بالمسلم في مال أو نفس .. وأما ما انتفع به المسلم من كل ذي كبد رطبة فلا يجوز قتله . وسواء في ذلك جميع الحيوانات حشرات أو غيرها، فالأمر بالإحسان يشملها والنهي عن الإيذاء يعمها .
والله أعلم .