عنوان الفتوى : عظمة القرآن وسمو معانيه دلالة أنه ليس من كلام البشر
قرأت من ضمن الرد على الاستشارة رقم 238422 على أن النساء ناقصات عقل ودين. ولما كنا نحن غير المسلمين نؤمن بأن الله تعالى خلق الرجال والنساء متساوين فأرجو بيان إن كان الإسلام يتبنى هذا المبدأ؟ كذلك وفي نفس الاستشاره فإن إحدى آيات القرآن تحث الرجال على ضرب نسائهم ألا يعبر ذلك عن أن الإسلام لا يساوي بين الرجل والمرأة كمخلوقات متساوية أمام الله بل ربما أن هذه التفرقة تعكس الفكر الاجتماعي السائد في الجزيرة العربية زمن الرسول محمد وليس كلاما منزلا من الله تبارك وتعالى؟ أرجو إيضاح ذلك حيث إن هذه القضية تنعكس سلبا على النظرة إلى الإسلام من قبل غير المسلمين. مع شكري الجزيل سلفاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقص عقل النساء ودينهن قد صح عن الذي لا ينطق عن الهوى، وأكده العلم الحديث، روى البخاري عن أبي سعيد الخدري ومسلم عن ابن عمر، واللفظ له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، قالت امرأة: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين.
وجاء العلم والتجربة يؤكدان هذه الحقيقة، فقد اكتشف العلم الحديث أن لكل من الرجل والمرأة مركزين، مركزاً للكلام ومركزاً للتذكر، وأن الرجل إذا تكلم عمل واحد وبقي الآخر للتذكر، وأما المرأة فإذا تكلمت عمل المركزان، ولذا لا تستطيع التذكر التام لما تشهد به، فتذكرها أختها لئلا يفوت مقصود الشهادة.
وقد جاء القرآن بهذا قبل أربعة عشر قرناً قال الله جل وعلا: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى {البقرة: 282}.
وإنه من المكابرة أن ينكر المرء ما بين الرجل والمرأة من فروق بيولوجية وفيزيولوجية، تتمثل في الطمث الشهري والحمل والولادة والرضاع، وما بينهما من فروق سيكولوجية نفسية في المزاج والانفعال والعواطف وسائر سمات الشخصية.
ومع ذلك، فالإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في أصل الحقوق والواجبات، ولكنها مساواة تنبع من حال كل منهما وواقعه، فهما متساويان في العموم، ولكن الفروق الفردية بينهما تجعل من الحكمة البالغة أن يتميز كل منها بما يليق به.
وأما أن تكون التفرقة بين الرجل والمرأة تعكس الفكر الاجتماعي السائد في الجزيرة العربية زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأنه ليس كلاماً منزلاً من الله تبارك وتعالى، فإن هذا لا يقوله من له أدنى معرفة باللسان العربي، وأحرى من يعرف شيئاً عن الجزيرة العربية زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ذلك أنه قد شهد الأعداء قبل الأصدقاء، والكافرون قبل المؤمنين، بعظمة القرآن وسمو معانيه، وأنه ليس من كلام البشر، ولو وجد أولئك الكفار في بلاغة القرآن أو في أساليبه مجالاً للطعن لكان ذلك غنيمة لهم ما فوقها غنيمة، ولا شك أنهم أدرى باللسان العربي من أي شخص في أي زمن من الأزمان.
ولقد أتى الوليد بن المغيرة مرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد خصومه الألداء يقول: يا محمد اقرأ علي القرآن، فيقرأ عليه الصلاة والسلام: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، ولم يكد يفرغ الرسول صلى الله عليه وسلم من تلاوتها حتى يطالب الخصم الألد بإعادتها بجلال لفظها وقدسية معانيها مأخوذا برصانة بنيانها مجذوباً بقوة تأثيرها، ولم يلبث أن يسجل اعترافه بعظمة القرآن قائلاً: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمورق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر.
وبعد هذا فنقول لك: إنه من الخير لك أن تدخل في هذا الدين قبل أن تفوتك الفرصة، فتندم حين لا ينفع الندم، وهذه معذرة إلى ربنا، ونحن معترفون بأننا لن نتوصل إلى هداية من لم يرد الله هدايته.
والله أعلم.