عنوان الفتوى : تركيب أسلاك التلفزيون في البيوت

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب أعمل في بناء المنازل و من ثم بيعها وكما تعلمون أثناء البناء نضع داخل الجدران أنابيب المياه وأسلاك الكهرباء وكذلك أسلاك التليفون بحيث يصل التليفون إلى كل حجرة وحديثا أصبحنا نضع أسلاكا خاصة بالتلفزيون تربط بين سطح المنزل وباقي الحجرات. فعندما يشتري أي شخص هذا المنزل قد يقوم بتركيب الهوائي (الأنتين) أو طبق الفضائيات على السطح ومن ثم توصيله بالأسلاك التي وضعناها بالجدران فيستطيع أن يتفرج على التلفزيون بأي حجرة شاء. وهذا أصبح من الأشياء المتعارف عليها في أعمال البناء. فإن لم نقم بوضع أسلاك التلفزيون داخل الجدران قد لا نجد من يشتري هذا المنزل أو قد يباع بسعر منخفض. ملاحظة للتوضيح: نحن لا نقوم إلا بوضع الأسلاك داخل الجدران أي لا نقوم بوضع أو تركيب أو شراء الهوائي أو طبق الفضائيات أو التلفزيون. ما حكم الشرع في وضعنا أسلاك التلفزيون داخل الجدران أثناء البناء؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتركيب أسلاك التلفزيون في البيوت لا يختلف حكمه عن صناعة وبيع التلفزيون نفسه، فكلاهما سبب ووسيلة إلى المباح أو الحرام، وبيع التلفزيون أو غيره من الأجهزة التي تستعمل في المعصية والمباح للعلماء فيه خلاف كبير، وقديم، فذهب الشافعية إلى أنه لا يمنع إلا إذا تحقق اتخاذه للمعصية، ولو كان من عادة من بيع له أن يستعمله فيها. جاء في المجموع للنووي: قال أصحابنا: يكره بيع العصير لمن عرف باتخاذه الخمر، والتمر لمن عرف باتخاذه النبيذ، والسلاح لمن عرف بالعصيان بالسلاح، فإن تحقق اتخاذه لذلك خمرا ونبيذا وأن يعصى بهذا السلاح ففي تحريمه وجهان.

وذهب الأحناف إلى أبعد من ذلك، فقالوا: كما في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: قال رحمه الله: وجاز بيع العصير من خمار لأن المعصية لا تقوم بعينه، بل بعد تغيره؛ بخلاف بيع السلاح من أهل الفتنة، لأن المعصية تقوم بعينه، فيكون إعانة لهم وتسببا، وقد نهينا عن التعاون على العدون والمعصية، ولأن العصير يصلح لأشياء كلها جائز شرعا، فيكون الفساد إلى اختياره. اهـ.

أما مذهب المالكية في هذه المسالة فهو كما في مواهب الجليل في شرح خليل: وذكر القرطبي والأبي في أوائل شرح مسلم في منع العنب لمن يعصرها خمرا قولين: قال الآبي: والمذهب في هذا سد الذرائع. اهـ. يعني المنع سدا لذريعة الوصول إلى المحرم.

وجاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: وكذا يمنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز. وذكر من ذلك بيع أرض لتتخذ كنيسة أو خمارة، والخشبة لمن يتخذها صليبه، والعنب لمن يعصره خمرا. اهـ.

وأما مذهب الحنابلة فقد قرره ابن قدامة في المغني فقال: بيع العصير ممن يتخذه خمرا باطل. إذا ثبت هذا فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، فأما إن كان الأمر محتملا مثل أن يشتريها من لا يعلم، أو من يعمل الخل والخمر معا ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر فالبيع جائز. اهـ.

والذي نعتقده أنه لا يجوز بيع العنب لمن يتخذه خمرا بالشرط الذي ذكره ابن قدامة وهو علم البائع بقصد المشتري. وتخريجا للمسألة المعروضة على مسالة بيع العنب لمن يتخذه خمرا نقول: إننا لا نرى مانعا من عمل وتركيب هذه الأسلاك في البيوت المراد بيعها لأن البائع أو من يركبها لا يمكنه وليس في مقدوره التحقق من اتخاذ المشتري لها في معصية الله، ولو أننا ألزمناه بالتحقق من ذلك لضيقنا واسعا، ولوقع الناس في الحرج.

والله أعلم.