عنوان الفتوى : حكم صلة من يرتكب المعاصي والأكل من طعامه
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. لي أقارب يرتكبون المعاصي مجاهرة ..أقل شي أنهم يشربون ويتاجرون في المسكرات .. فهل من الواجب علي صلة الرحم تجاههم ؟ وهل يجوز لي أن آكل من طعامهم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الشارع الحكيم أمر بصلة الرحم وحث عليها ووعد عليها الجزاء الحسن، قال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) [النساء: 1].
وقال تعالى: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) [الرعد: 21].
وإذا كان أقاربك عصاة ويجاهرون بالمعاصي فلا يمنع ذلك من صلتهم بل قد يتعين ذلك عليك لواجب النصح، قال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة".
فعليك أن تقوم بصلة هؤلاء الأقارب وأن تنصحهم وتبين لهم أن الذي هم عليه يغضب الله ويجلب سخطه ومقته، وأن كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم معافى إلا المجاهرين.
والدليل على أنه يجوز صلة القريب العاصي قول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: "قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قدمت عليّ أمي وهي مشركة راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك" رواه مسلم.
وليس هناك ذنب أعظم من الشرك ومع ذلك لم يمنعها من صلة أمها، فلعل ذلك يكون سبباً في هدايتها.
وأما طعامهم فإنه لا يحل الأكل منه، إذا لم يكن لهم دخل من غير التجارة في المحرم، فإن كان لهم مصدر دخل آخر جاز لك الأكل من طعامهم لأنه حينئذ مال مختلط، و النبي صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي وأضافته امرأة يهودية على شاة مسمومة مع كون اليهود يتعاملون بالربا في بيوعهم وتجارتهم ، وهذه الصلة يجب أن تقتصر على الواجب، دون الانبساط إليهم أو التوسع في إجابة دعوتهم، كما يجب الإعلان بكراهية ما هم عليه، وعدم مجالستهم أثناء غشيانهم المنكر، فإن ذلك كله محرم. كما أن هجرهم إذا كان ذلك ممكنا بغير مفسدة أكبر، فإنه علاج يستخدم إذا كان نافعاً، ولا يعد من قطيعة الرحم إذا كان بهذه النية. والله أعلم.