عنوان الفتوى : صفة القبور في السنة
هل توجد شروط معينة لبناءالمقابر ؟ ما هو الدفن الصحيح الشرعي للجثة ؟ في مصر يتم بناء المقابر بحيث توضع الجثة فوق سطح الارض هل ذلك حلال وما هو الصحيح وما يرضى الله ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلبناء القبور والدفن صفات بينتها السنة المطهرة إن كان قصدك في السؤال الأبنية ذاتها وهي كما يلي:
1. يحفر للميت لحد في الأرض، واللحد هو أن يحفر في الأرض ثم يعمق القبر من جهة القبلة بقدر ما يسع الميت ويستره، وهذا هو السنة عند جمهور الفقهاء لقوله صلى الله عليه وسلم: " اللحد لنا والشق لغيرنا " . [رواه أبو داود والترمذي]. وقال بعض الفقهاء ، إن اللحد أفضل إن كانت الأرض صلبة وإن كانت رخوة فالشق أولى خشية الهدم ، والشق هو أن يحفر قعر القبر كالنهر، واللحد يعمق قدر قامة الرجل المعتدل وقيل إلى الصدر ويوسع طولاً وعرضاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "احفروا وأوسعوا وأعمقوا" . [ رواه الترمذي].
2. يوضع الميت في القبر على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، ويسند وجهه إلى جدار القبر ويسند ظهره بلبنة ونحوها ليمنعه من الاستلقاء على قفاه لقوله صلى الله عليه وسلم : " قبلتكم أحياء وأمواتا " .[ رواه البيهيقي وأبوداود وصححه السيوطي] ويدخل من قبل رجليه إن كان أسهل وإلا فمن أي جانب، ويقال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله". [رواه الترمذي وحسنه].
3. عند وضع الميت في قبره لا يشق عن كفنه، فلم يرد الشرع بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" رواه مسلم. ومعلوم أن شقه وتخريقه يذهب بحسنه، وأما حل العقد من عند رأسه ورجليه فمستحب لأن عقدها كان للخوف من انتشارها، وقد أمن ذلك بدفنه، وقد روى (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أدخل نعيم بن مسعود القبر نزع الأخلة بفيه) رواه البيهقي.
4. ويوضع اللبن (وهو الطوب النيء) على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه اتقاء لوجهه عن التراب لقول سعد : (انصبوا على اللبن نصباً) ويكره أن يوضع على القبر الآجر وهو الطوب المحرق والخشب، لأن القبر موضع البلى، ثم يهال التراب على القبر سترا له وصيانة، ويسن لمن حضر أن يحثوا على القبر قبل أن يهال عليه التراب ثلاث حثيات لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك، وذلك أقوى عبرة وعظة.
5. يرفع القبر قدر شبر فقط، ليعرف أنه قبر ويسنم، والتسنيم للقبر أفضل من تسطيحه لقول سفيان التمار : ( رأيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مسنما) رواه البخارى. ولا يرفع القبر فوق هذا القدر لما روى الجماعة إلا البخاري أن عليا رضي الله عنه بعث أبا الهياج الأسدي وقال : ( ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته). وعن القاسم بن محمد قال : (قلت لعائشة: يا أماه، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء). رواه أبو داود. ويرش الماء على القبر ليثبت ترابه وهو مستحب، قال أبو رافع: (سل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا ورش على قبره ماء) رواه ابن ماجه. وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُشَّ على قبره ماء، رواه الخلال.
6. ويكره البناء على القبر وتجصيصه والكتابة عليه، والتجصيص هو أن يبيض أي يطلى بالجص وهو الجبس ونحوه، ومثله النقش عليه وتزويقه، وقد ذكر ابن عبد الحكم في البناء على القبر إذا أوصى الميت بذلك أن وصيته لا تنفذ، وعليه يجب هدم ما بني على القبور من القباب والسقائف والروضات ما لم تحدث مفسدة بذلك. وأما الكتابة على القبر مثل كتابة آيات من القرآن أو شاهد فيه اسم المتوفى وغير ذلك فيكره عند الجمهور ودليل ذلك ما رواه مسلم عن جابر رضى الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه ـ رواه الترمذي ـ وأن يكتب عليه. ويعلَّم القبر بنحو حجر أو حصى لما روى الشافعي مرسلا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع (الحصى) على قبر ابنه ابراهيم، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم صخرة عند رأس عثمان بن مظعون وقال: أتعلم بها قبر أخي لأدفن إليه من مات من أهلي. رواه أبو داود.
7. وأما وضع الميت على سطح الأرض وعمل بناء عليه فإنه مخالف لتعاليم الإسلام فالواجب الرجوع إلى السنة في دفن موتى المسلمين، والله الموفق لما فيه صلاح العباد.
والله تعالى أعلم.