عنوان الفتوى : لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ
أنا أعمل في كوافير حريمي وليس لدي مصدر رزق آخر لكن أنا في نيتي أن أعمل في غيرها، هل ينفع أن أتزوج منها أم لا لكني لم أعرف أن أتصدق من أموالي لأنها حرام لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب إني أحافظ على الصلوات لكن بعض الصلوات لا أصليها في وقتها بسبب ظروف عملي إني في شيء من داخلي يبشرني أني سأكون من المتقين إن شاء الله، أنا كنت أعرف سيدات كثيرات جداً بطريقة غير مشروعة لكني تبت إلى الله، لكني أتعرض إلى بعض المضايقات من النساء فماذا أفعل، إن السيدات اللاتي يأتين إلينا في موقع العمل شبه عرايا مع أنني شاب ولست متزوجاً، لكني أبحث عن المتعة الحلال بأسرع ما يمكن لكي لا أرجع للخطيئة ثانياً، أرجوكم أفيدوني لأني من داخلي محطم نفسياً ومن هذا العمل أكسب كويس الحمد لله، لكن أي عمل آخر سوف أقبض مبلغ 200 جنيه مع ارتفاع مستوى المعيشة، آخر سؤال: أنا عمري ما صمت رمضان لأنني لا أقدر لأني جسمي نحيف جداً ويأتي لي هبوط بطريقة سريعة جداً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم -وفقك الله وشرح صدرك وهداك لكل خير- أن العمل في مهنة الكوافير الذي يقوم بتصفيف شعر النساء حرام لا يجوز، وفاعله من المتعدين لحدود الله، وما كسبه من عمله هذا فهو حرام خبيث، قد محق الله بركته، ولذا فعليك أن تبادر بالتوبة وترك هذا العمل، ولا يغرك كثرة ما تحصله من كسب في هذه المهنة، مقارنة بما تحصله من غيرها من العمل المباح، قال الله تعالى: قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:100]، وفي الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل جسد نبت من سحت، فالنار أولى به.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له. رواه مسلم.
فهذا الرجل قد توافرت له كل أسباب إجابة الدعاء من سفر، ورفع اليدين إلى السماء، وقوله يا رب، وهو أشعث ومغبر، ومع ذلك لا يستجاب له، لأن كسبه محرم، ومطعمه حرام، فلا ترضى لنفسك أن تكون كذلك، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 18470.
ويجب عليك أن تحافظ على الصلوات في مواقيتها، واحذر أن تؤخرها عن وقتها، ولو كان ذلك بسبب العمل المباح فكيف إذا كان بسبب العمل المحرم، قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103]، وقال أيضاً: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 5-6]، أي يؤخرونها عن وقتها المؤقت، وقال صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. رواه البخاري.
وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تترك صلاة مكتوبة، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة. إلى غير ذلك من الأحاديث في تعظيم شأن الصلاة، وتوعد تاركها والمتهاون والمتساهل في أمرها، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 4307.
أما بالنسبة للزواج فإذا كنت لا تملك مالاً غير الذي كسبته من العمل المحرم، وتبت إلى الله من هذا العمل، فلا بأس أن تأخذ من هذا المال قدراً تستطيع به الزواج، وتبدأ به عملاً مباحاً من تجارة أو صناعة أو نحو ذلك، وما فضل منه -إن فضل منه شيء- صرف في مصالح المسلمين، كإعانة الفقراء والمساكين ونحو ذلك، وأما كيف تنجو من فتنة النساء، فانظر للإجابة عنه الفتوى رقم: 27977.
وأما بالنسبة لصيام رمضان، فإن كنت أفطرت لمرض يرجى برؤه، واتصل بك ذلك المرض فإنه يجب عليك القضاء بعد زوال المرض، لقول الله تعالى: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، وليس عليك إطعام في هذه الحالة ولا كفارة، وإذا كان المرض مزمناً لا يرجى برؤه، فالواجب عليك الإطعام فقط، عن كل رمضان أفطرته، لقول الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184]، فتطعم عن كل يوم مسكيناً مدا من طعام، والمد يساوي في عصرنا بالأوزان الحديثة 750 جراماً تقريباً من أرز أو غيره من غالب قوت أهل البلد الذي أنت فيه.
والله أعلم.