عنوان الفتوى : فضل صلاة التراويح

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما هو فضل صلاة التراويح؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

حكم صلاة التراويح

صلاة التراويح سنة مستحبة باتفاق العلماء، وهي من قيام الليل، فتشملها أدلة الكتاب والسنة التي وردت بالترغيب في قيام الليل، وبيان فضله. وقد سبق ذكر بعضها في السؤال رقم (50070).

قيام رمضان من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في هذا الشهر. قال الحافظ ابن رجب:

"واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب." أ.هـ.

فضل صلاة التراويح

وقد وردت بعض الأحاديث الخاصة بالترغيب في قيام رمضان وبيان فضله، منها:

ما رواه البخاري (37) ومسلم (759) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

مَنْ قَامَ رَمَضَان أَيْ قَامَ لَيَالِيَهُ مُصَلِّيًا. إِيمَانًا أَيْ تَصْدِيقًا بِوَعْدِ اللَّهِ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ. وَاحْتِسَابًا أَيْ طَلَبًا لِلْأَجْرِ لَا لِقَصْدٍ آخَرَ مِنْ رِيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ. 

غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه جَزَمَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ أنه يَتَنَاوَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ، لكن قال النووي: الْمَعْرُوف عِنْد الْفُقَهَاء أَنَّ هَذَا مُخْتَصّ بِغُفْرَانِ الصَّغَائِر دُون الْكَبَائِر. قَالَ بَعْضهمْ: وَيَجُوز أَنْ يُخَفِّف مِنْ الْكَبَائِر مَا لَمْ يُصَادِف صَغِيرَة اهـ من فتح الباري.

الحرص على الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان

ينبغي أن يكون المؤمن حريصاً على الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان أكثر من غيرها، ففي هذه العشر ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ القدر/3.

وقد ورد في ثواب قيامها قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. رواه البخاري (1768) ومسلم (1268).

ولهذا (كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِد فِي الْعَشْر الأَوَاخِر مَا لا يَجْتَهِد فِي غَيْرهَا). رواه مسلم (1175).

وروى البخاري (2024) ومسلم (1174) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ.

(دَخَلَ الْعَشْرُ) أي: الْعَشْر الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان. (شَدَّ مِئْزَرَهُ) قيل هو كناية عن الاجتهاد في العبادة، وقيل كناية عن اعتزال النساء، ويحتمل أنه يشمل المعنيين جميعاً.

(وَأَحْيَا لَيْلَهُ) أَيْ سَهِرَهُ فَأَحْيَاهُ بِالطَّاعَةِ، بالصلاة وغيرها. (وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) أي: أَيْقَظَهُمْ لِلصَّلاةِ فِي اللَّيْل.

وقال النووي: "فَفِي هَذَا الْحَدِيث: أَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يُزَاد مِنْ الْعِبَادَات فِي الْعَشْر الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان , وَاسْتِحْبَاب إِحْيَاء لَيَالِيه بِالْعِبَادَاتِ." أ.هـ.

الحرص على قيام رمضان في جماعة

ينبغي الحرص على قيام رمضان في جماعة، والبقاء مع الإمام حتى يتم الصلاة ، فإنه بذلك يفوز المصلي بثواب قيام ليلة كاملة، وإن كان لم يقم إلا وقتاً يسيراً من الليل، والله تعالى ذو الفضل العظيم.

قال النووي رحمه الله:

"اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب صَلاة التَّرَاوِيح ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الأَفْضَل صَلاتهَا مُنْفَرِدًا فِي بَيْته أَمْ فِي جَمَاعَة فِي الْمَسْجِد؟ فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَجُمْهُور أَصْحَابه وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَبَعْض الْمَالِكِيَّة وَغَيْرهمْ: الأَفْضَل صَلاتهَا جَمَاعَة كَمَا فَعَلَهُ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَالصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَاسْتَمَرَّ عَمَل الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ." أ.هـ.

وروى الترمذي (806) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

والله أعلم.