الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالهبد إن كان يقصد به ضرْبُ الأرض بقوة أثناء المشي، فهو من جملة العادات، والأصل في العادات الإباحة، إلا ما ورد الدليل بالنهي عنه منها، ولا نعلم نصًا في النهي عن ضرب الأرض أثناء المشي لذاته، وإنما ينهى عنه إذا ترتب عليه إيذاء للآخرين، أو كان فيه بَطَرٌ، وخُيلاء، أو كان من النِّساء لإبداء زينتهن الخفية؛ وذلك لما تقرر شرعًا من أن الأمور بمقاصدها.

هذا؛ ومن صفات عباد الله المؤمنين التواضع، والسكينة في سيرهم، كما قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا {الفرقان: 63}.

وقال سبحانه حكاية عن لقمان في وصاياه لابنه: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ {لقمان: 18 -19}.

وعلى الضد من ذلك جاء في القرآن النهي عن المشي مرحًا، واختيالاً، وكِبرًا، فقال تعالى: وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا {الإسراء: 37}.

وجاء في السنة المشرفة ذم الاختيال في المشي، فقال صلى الله عليه وسلم: بيْنَما رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ، يَمْشِي في بُرْدَيْهِ، قدْ أعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَخَسَفَ اللَّهُ به الأرْضَ، فَهو يَتَجَلْجَلُ فيها إلى يَومِ القِيامَةِ. متفق عليه.

ولكن جاء في السُّنة أيضًا ما يدل على جواز الاختيال في المشي في مواضع مستثناة، كما في إرهاب الكفرة، وأعداء المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ منَ الخُيَلاءِ ما يُبغضُ اللَّهُ، ومنها ما يحبُّ اللَّهُ، فأمَّا الخيلاءُ الَّتي يحبُّ اللَّهُ: فاختيالُ الرَّجلِ نفسَهُ عندَ القتالِ، واختيالُهُ عندَ الصَّدَقةِ، وأمَّا الَّتي يبغضُ اللَّهُ: فاختيالُهُ في البغيِ، والفخرِ. رواه أبو داود.

ولمزيد فائدة حول ما يدخل في الخيلاء المذموم بالمشي وغيره تنظر الفتاوى: 367735 64285، 339130.

والله أعلم.