عنوان الفتوى : تحقيق العبارة الواردة عن الإمام الشافعي فيمن ترد شهادته
ما المقصود بقول الإمام الشافعي -رحمه الله: وكذلك المزاح لا ترد به الشهادة، ما لم يخرج في المزاح إلى عضة نسب، أو عضة بحر، أو فاحشة، فإذا خرج إلى هذا، وأظهره، كان مردود الشهادة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر ذلك الإمام الشافعي - رحمه الله – في باب الشهادات من كتاب الأقضية، وقال قبلها مباشرة: فأما أهل الرواية للأحاديث التي فيها مكروه على الناس، فيكره ذلك لهم، ولا ترد شهادتهم.. فإن كانت تلك الأحاديث عضة بحر، أو نفي نسب، ردت بذلك شهادتهم... اهـ.
ونقل محقق الكتاب الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب -7 / 514: كلمة -بحر- في الموضعين عن مخطوط واحد بهذا اللفظ -بِحُرٍّ، وعن مخطوطين بلفظ: بِحَدٍّ- وهو الصواب - إن شاء الله – كما نقله البيهقي عن الشافعي في السنن الصغير-4/ 186- وفي معرفة السنن والآثار-14/ 341.
وقال في السنن الكبرى: بَابُ: مَنْ عَضَهَ غَيْرَهُ بِحَدٍّ، أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ- وقال بعدها: بَابُ: الْمُزَاحُ لَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، مَا لَمْ يَخْرُجْ فِي الْمُزَاحِ إِلَى عَضَهِ النَّسَبِ، أَوْ عَضَهٍ بِحَدٍّ، أَوْ فَاحِشَةٍ.
كما في الطبعة التي حققها الدكتور عبد الله التركي، والطبعة التي حققها محمد عبد القادر عطا، وكذا قال الذهبي في المهذب في اختصار السنن الكبير.
وقوله هنا: عضه غيره بحد- ظاهرٌ بيِّنٌ، ولا يصح أن يقال فيه: بحر.
وقد ذكر الشافعي -رحمه الله- ذلك تذيلا على شهادة الشعراء، ولم يذكرها المزني في مختصره، واقتصر على قوله: إذا كان الشاعر لا يعرف بشتم المسلمين وأذاهم، ولا يمدح، فيكثر الكذب المحض، ولا يشبب بامرأة بعينها، ولا يبتهرها بما يشينها، فجائز الشهادة، وإن كان على خلاف ذلك لم تجز شهادته. اهـ.
والعَضْهُ: هو الرمي بالبهتان، قال ابن الأثير في النهاية: فِي حَدِيثِ البَيْعة: وَلَا يَعْضَهُ بعضُنا بَعْضًا- أَيْ لَا يَرْميه بالعَضِيهَة، وَهِيَ البُهْتان والكَذِب، وَقَدْ عَضَهَهُ يَعْضَهُه عَضْهاً. اهـ.
وعلى ذلك؛ فمعنى العبارة المسؤول عنها أن: المزاح لا ترد به الشهادة، ما لم يخرج المازح في مزاحه إلى الطعن في النَّسب، أو الرمي بحد، أو فاحشة، كذبا، وبهتانا، فإن فعل هذا وأظهره، رُدَّت شهادته.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري |
---|
يستحب الإشهاد على إعطاء المهر |