عنوان الفتوى : حكم الأغاني الدينية ، وهل يأثم بسماع الأغاني في المحلات والحافلات ؟
ما حكم الغناء ؟ وما هو حكم سماع الأغاني ؟ وإذا كان محرما , فما حكم الأغاني الدينية ؟ وما حكم سماع الأغاني بدون القصد (مثلا في ميكروباص أو محل)؟.
الحمد لله.
الغناء إن كان مصحوبا بآلات الموسيقى ، فإنه يحرم فعله ، وسماعه ، سواء كان من رجل أو امرأة ، ولا يستثنى من ذلك إلا الغناء المصحوب بالدف من قبل النساء ، في العرس والعيد وقدوم الغائب ، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم 5000 ، ورقم 20406 وأما الأغاني الدينية ، فإن صحبتها الموسيقى ، أو كانت من امرأة لرجال فهي محرمة . وتسميتها بالأغاني الدينية في هذه الحال هو من باب تسمية الشيء بغير اسمه تلبيساً وخداعاً حتى يقبله الناس ، إذ كيف تكون أغانٍ دينية وقد حرمها الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟!
وإن خلت من الموسيقى ، وكانت من رجل ، وبكلام نافع مفيد جازت ، ولا ينبغي الإكثار من سماعها .
وقد أفتت اللجنة الدائمة بفتوى مفصلة في حكم الأناشيد الإسلامية ، وهذا نصها : ( صدقت في حكمك بالتحريم على الأغاني بشكلها الحالي من أجل اشتمالها على كلام بذئ ساقط ، واشتمالها على ما لا خير فيه ، بل على ما فيه لهو وإثارة للهوى والغريزة الجنسية ، وعلى مجون وتكسر يغري سامعه بالشر . وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه .
ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية فيها من الحكم والمواعظ والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين ويهز العواطف الإسلامية ، وينفر من الشر ودواعيه ، لتبعث نفس من ينشدها ومن يسمعها إلى طاعة الله وتنفر من معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى الاحتماء بحمى شرعه والجهاد في سبيله ، لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمه ، وعادة يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود مناسبات ودواعٍ تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه ، وعند فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بها إلى فعل الخير ، وعند نزوع النفس إلى الشر وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه .
وخير من ذلك أن يتخذ لنفسه حزبا من القرآن يتلوه ، وَوِرْداً من الأذكار النبوية الثابتة فإن ذلك أزكى للنفس وأطهر وأقوى في شرح الصدر وطمأنينة القلب ، قال الله تعالى: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر/23 ، وقال سبحانه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) الرعد/28، 29 .
وقد كان ديدن الصحابة وشأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب والسنة حفظا ودراسة وعملاً ، ومع ذلك كانت لهم أناشيد وحداء يترنمون به في مثل حفر الخندق وبناء المساجد ، وفي سيرهم إلى الجهاد ونحو ذلك من المناسبات ، دون أن يجعلوه شعارهم ، ويعيروه جل همهم وعنايتهم ، لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ويهيجون به مشاعرهم .
أما الطبل ونحوه من آلات الطرب فلا يجوز استعماله مع هذه الأناشيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك ، والله الهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 4/532 .
وأما سماع الأغاني أو الموسيقى من غير قصد ولا إصغاء ، كما لو سمعها الإنسان في محل ونحوه ، فلا إثم عليه ، فالمحرم هو الاستماع لا مجرد السماع ، وعليه أن يبذل النصح عن المنكر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( أما السماع دون قصد ولا إصغاء كسماع من يمشي في الطريق غناء آلات اللهو في الدكاكين أو ما يمر به من السيارات ، ومن يأتيه وهو في بيته صوت الغناء من بيوت جيرانه دون أن يستهويه ذلك ، فهذا مغلوب على أمره لا إثم عليه ، وعليه أن ينصح وينهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ويسعى في التخلص مما يمكنه التخلص منه وسعه ، وفي حدود طاقته فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ) انتهى ، نقلا عن فتاوى إسلامية 4/389 .
والله أعلم .