عنوان الفتوى : تصرف الأب في مال ولده مباح بشرطين
عملت بالخارج عدة سنوات، وكذلك أبي وكان راتبي يحصل عليه أبي، وفي خلال مدة عملي بالخارج اشترى أبي بعض الأملاك مع العلم بأن لي إخوة وأخوات، وأردت أن يكتب لي شيئاً من أملاكه رفض، وقال لي "أنت ومالك لأبيك" فأنت لم تعطني كما أعطيتك، ويريد أن يقسم أمواله حسب الشرع بعد وفاته دون أن يعطيني ما يعوضني، مع العلم بأني لم أتزوج إلى الآن وسيتطلب زواجي فترة عمل أخرى؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما الحديث الذي استدل به أبوك -هداه الله- فهو حديث يرتقي إلى درجة الصحة، كما في الفتوى رقم: 1569.
ولكن اللام في قوله صلى الله عليه وسلم "لأبيك" للإباحة وليس للملك، فيباح للأب أن يأخذ من مال والده ما يحتاج إليه، وأما المال فهو ملك للابن وعليه زكاته، قال ابن رسلان: اللام للإباحة لا للتمليك، فإن مال الولد له وزكاته عليه وهو موروث عنه. انتهى.
ثم إن تصرف الأب في مال ولده مباح بشرطين، قال ابن قدامة في المغني 6/320: أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته، الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد.
وذلك أنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده لآخر أولى. انتهى.
وقال أيضاً: وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام... انتهى.
فما قام به أبوك من أخذ راتبك وحرمانك من مالك ظلم، وليس له مسوغ شرعي كما زعم، ونسأل الله أن يهديه ويصلحه، ونحن ننصحك ببذل النصيحة له بالتي هي أحسن، وذكر أقوال أهل العلم له في فهم الحديث، وينبغي أن تعرض عليه هذه الفتوى وأمثالها، فلعله أن يؤوب ويرجع ويعطيك حقك الذي حرمك منه، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان حكم أخذ الأب من مال ولده، وهي برقم: 6630.
والله أعلم.