عنوان الفتوى : نصائح في التعامل مع الابن الشاذ!
أعيش في فرنسا، ابني أصبح شاذا، للأسف، لدي سؤالان لو تفضلتم بالإجابة مع الشكر المسبق. هل أنا مسؤول أمام الله بما يفعل؟ أنا قطعت معه كل العلاقات، فهل هذا يجوز أو هل يعتبر من باب قطع الرحم؟
الحمد لله.
قرأنا رسالتك وتفهمنا معاناتك وأحزننا جداً الذي أحزنك، ونسأل الله العظيم أن يعافي ابنك وأن يجعله سليماً سوياً ومن عباده الصالحين، وأن يأتي اليوم الذي تقر أعينكم بصلاحه ورجوعه إلى الصواب.
وقد تضمن سؤالكم أمرين:
الأول: حول مسؤوليتك أمام الله عن انحراف ابنك.
فمما لا يخفى عليكم أنّ الله استرعى الوالدين على تربية الأولاد وأمرهم بذلك. قال الله تعالى يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم: 6].
وقال صلى الله عليه وسلم : (كُلُّكُمْ راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ومسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (853).
ولا نستطيع أن نقِّيم مدى قيامك بهذه المسؤولية في بلاد ينازعك فيها قوى عميقة التأثير على الأجيال في المدراس والإعلام وغيرها، فتصبح المسؤولية أكبر على من اختار لأولاده العيش في بلاد الكفار، حيث تدفع الأسر المسلمة ضريبة أخلاقية باهظة لهذا الاختيار.
ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلم من الإقامة في بلاد الكفار نهيا مؤكدا ، وما ذلك إلا لما يترتب على تلك الإقامة من المفاسد العظيمة ، التي لا ينجي منها إلا الله .
فإن حصل تقصير وإهمال، فالتوبة والاستغفار.
وأيّا كان الأمر. فإنّ الاتجاه يكون نحو حل المشكلة القائمة، فيما قد حصل، والسعي لمنع ما لم يحصل، لئلا يتكرر الأمر -لا قدر الله- مع إخوانه الصغار.
وينظر للأهمية جواب السؤال رقم: (52893).
الجزء الثاني من السؤال، حول قطعك العلاقة معه.
فلم تبين في السؤال عمر ابنك، ومنذ متى ظهرت عليه علامات الانحراف السلوكي، وأيّاً كان الأمر، فقبل قطع العلاقة معه مراحل، وأساليب ووسائل مجدية لإعادته إلى الصواب والتخلص من هذا الانحراف، وخاصة إذا كان دون العشرين، فالمقاطعة قد تزيده انحرافا وشذوذاً، فأنتم في مجتمع يتلقف مثل هذه الحالات ويزيدها انحرافا. ومما ننصح به:
أولاً: عدم مقاطعته، أو إخراجه من المنزل، فبقاؤه معكم يوفر فرصاً أكبر لمحاولة إصلاحه بالوسائل المباشرة وغير المباشرة.
فيمكنكم أن تصحبوه معكم إلى المراكز الإسلامية أو الأماكن التي ترون أنها تساعد في التسريع بتوبته وتخلصه من الوضع السيء.
وما دامت روح الإنسان في جسده فلا يأس.
فقد تواصل لوط مع قومه إلى آخر لحظة مع إصرارهم على ممارسة الفاحشة فرادى وجماعات.
إن أعظم علاج لمن ابتلي بهذا البلاء: أن يذكر بالله، ويخوف من عقابه، ويذكر له ما جرى لقوم لوط، وما حل بهم من النقم؛ فإذا هو خاف الله، ورجا ما عنده، أمكنه أن يبدأ في مقاومة ما هو فيه، وتحمل علاجه، وترك هواه، وشهواته، بل أمراضه، وانحرافاته.
ثانياً: كن قريباً منه، واصحبه معك ما استطعت، واجعل بينكم بعض البرامج الإيمانية المشتركة وبقية أفراد الأسرة. مثل قراءة القرآن وشيء من السيرة النبوية ، وحبذا أن تصحبوه في رحلة عمرة تكون محطة انتقال من حال إلى حال.
ثالثاً: الحرص على الانتقال من المنطقة التي تعيشون فيها، إلى منطقة تتهيأ له فيه فرص أكبر تساعد على التسريع بعلاجه وتخلصه من هذا الشذوذ، وإن كلفكم هذا الأمر بعض المتاعب أو العودة إلى البلد الإسلامية الأم.
رابعاً: تذكر أنّ باب الأمل لا زال مفتوحاً، فكن قريبا منه، وحاول بالتأثير غير المباشر من خلال ربطه بالوقائع البطولية والرجولية مثل بعض الأفلام الوثائقية والمقاطع المؤثرة المتضمنة معاني العزة والبطولة، فكل هذه رسائل تذهب إلى اللاوعي فتعالج جزءاً من المشكلة بإذن الله وتساعد في عودته إلى الطريق السوي.
خامساً: اشغله ببعض الأعمال التي تشغل وقته بما ينفعه بدنياً ومادياً، مثل الرياضات البدنية المجهدة، أو الأعمال بالدوام الجزئي التي لا تبقي له وقت فراغ، وتنفعه مادياً.
وقبل ذلك كله احرصوا على دعاء الله دائماً وأبداً أن يعافيه ويرده إلى الحق والصواب، ويلهمه الرشد والتوبة النصوح.
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
نصائح في التعامل مع الابن الشاذ! |