عنوان الفتوى : لا ينتقض وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بالنوم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما الدليل على أن النوم يبطل الوضوء ؟ وكيف يفسر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر بعد نومه بدون وضوء في حديث قيام الليل مع ابن عباس رضي الله عنه ؟.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله

أولاً :

أما الدليل على أن النوم ناقض للوضوء ، فقد ثبت في ذلك حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ ) رواه الترمذي (89) وحسنه الألباني , فذكر النوم من نواقض الوضوء .

وقد سبق في جواب السؤال (36889) بيان اختلاف العلماء في نقض الوضوء بالنوم ، وبيان أن الراجح : أن النوم ينقض الوضوء إذا كان مستغرقاً ، أما النوم اليسير فلا ينقض الوضوء .

ثانياً :

وأما حديث ابن عباس الذي أشار إليه السائل فقد رواه البخاري (698) ومسلم (763) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي ، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ ، فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ ، فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ .

فقد نام النبي صلى الله عليه وسلم ، وقام يصلي ولم يتوضأ ، وذكر أهل العلم أن هذا الحكم ( عدم نقض الوضوء بالنوم ) خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تنام عينه ولا ينام قلبه ، فإذا حدث لشعر بذلك .

قال النووي :

"قَوْله : ( ثُمَّ اِضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ فَقَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ ) هَذَا مِنْ خَصَائِصه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَوْمه مُضْطَجِعًا لا يَنْقُض الْوُضُوء ; لأَنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَلا يَنَام قَلْبه , فَلَوْ خَرَجَ حَدَث لأَحَسَّ بِهِ ، بِخِلافِ غَيْره مِنْ النَّاس " انتهى .

وقال الحافظ :

" قَوْله : ( فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ ) كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَام عَيْنه وَلا يَنَام قَلْبه فَلَوْ أَحْدَثَ لَعَلِمَ بِذَلِكَ , وَلِهَذَا كَانَ رُبَّمَا تَوَضَّأَ إِذَا قَامَ مِنْ النَّوْم وَرُبَّمَا لَمْ يَتَوَضَّأ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَإِنَّمَا مُنِعَ قَلْبه النَّوْم لِيَعِيَ الْوَحْي الَّذِي يَأْتِيه فِي مَنَامه " انتهى .

وروى البخاري (3569) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تَنَامُ عَيْنِي ، وَلا يَنَامُ قَلْبِي ) . ورواه أحمد (7369) عن أبي هريرة رضي الله عنه .

وانظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" للألباني (696) .

وروى ابن ماجه (474) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلا يَتَوَضَّأُ . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

قال السندي في "حاشية ابن ماجه" :

" قَوْله ( حَتَّى يَنْفُخ ) هو الصوت الذي يُسْمَع مِنْ النَّائِم .

قَوْله ( فَيُصَلِّي وَلا يَتَوَضَّأ ) لأَنَّهُ تَنَام عَيْنه وَلا يَنَام قَلْبه ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا فِي الصِّحَاح ، فَنَوْمه غَيْر نَاقِض ، لأَنَّ النَّوْم إِنَّمَا يَنْقَضِ الْوُضُوء لَمَّا خِيفَ عَلَى صَاحِبه مِنْ خُرُوج شَيْء مِنْهُ وَهُوَ لا يَعْقِل ، وَلا يَتَحَقَّق ذَلِكَ فِيمَنْ لا يَنَام قَلْبه ، ثم قال : فلا يَنْبَغِي ذِكْر أَحَادِيث نَوْمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب أَصْلا ( يعني باب نقض الوضوء بالنوم ) إِلا مَعَ بَيَان أَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْحُكْم ، فَلْيُتَأَمَّلْ " انتهى باختصار .