عنوان الفتوى : هل يشهد بما أسره إليه أحد الخصمين
هناك خلاف بين اثنين وجلسنا جلسة عرفية لحل الخلاف، وكل منهما أفضى لي بأسراره ولم نتوصل إلى حل هل يجوز أن أشهد مع أحد الأطراف في المحكمة بما قاله لي الطرف الآخر أم ما قيل يعتبر أمانة مجلس لا يجوز البوح به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الأمر الذي تعلمه بينهما من حقوق الآدميين فلا يجوز لك أن تشهد حتى تستشهد، فإن كان من له حق الشهادة لا يعلم فيشرع لك إعلامه حتى يدعوك لأداء الشهادة، وشهادتك بما تعلم ليست داخلة في إفشاء السر، ولا تفريطاً في أمانة المجلس.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في أسنى المطالب: (تقبل شهادة من اختبأ) في زاوية (ليستمع) ما يشهد به، ولا يحمل على الحرص، لأن الحاجة قد تدعو إليه، كأن يقر من عليه الحق إذا خلا به المستحق، ويجحد إذا حضر غيره، (ويستحب) له (أن يخبر الخصم بأنه اختبأ) وشهد عليه لئلا يبادر إلى تكذيبه إذا شهد فيعزره القاضي، (وإن قالا) أي اثنان لثالث (حاسب بيننا) لنتصادق (ولا تشهد) علينا بما يجري (ففعل، لزمه أن يشهد) بما جرى والشرط فاسد.
وفي الموسوعة الكويتية: إذا كانت الشهادة متعلقة بحقوق العباد وأسبابها أي في محض حق الآدمي، وهو ما له إسقاطه كالدين والقصاص فلا بد من طلب المشهود له لوجوب الأداء، فإذا طلب وجب عليه الأداء، حتى لو امتنع بعد الطلب يأثم، ولا يجوز له أن يشهد قبل طلب المشهود له، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد.
ولأن أداءها حق للمشهود له، فلا يستوفى إلا برضاه، وإذا لم يعلم رب الشهادة بأن الشاهد تحملها، استحب لمن عنده الشهادة إعلام رب الشهادة بها.
وإذا كانت الشهادة متعلقة بحقوق الله تعالى، وفي ما سوى الحدود كالطلاق والعتق وغيرها من أسباب الحرمات فيلزمه الأداء حسبة لله تعالى عند الحاجة إلى الأداء من غير طلب من أحد من العباد.
والله أعلم.