عنوان الفتوى : أحكام المبتلى بسلس المني
السلام عليكم ورحمة الله.... أما بعد: فأرجو منكم إفادتي في حكم مسي وقراءتي للقرآن الكريم، وكذلك حكم صلاتي وصيامي وأنا أعاني من نزول مني شبه مستمر أي أثناء التغوط والتبول، فهل يجب علي الاغتسال وإذا كان الجواب نعم فكيف ذلك؟ هل أقضي وقتي في الدوش؟ أفيدوني أفادكم الله، علما بأني عازب وقد راجعت أطباء ولم يفلحوا في علاجي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق في الفتوى رقم: 34363 بيان الفرق بين المني والمذي والودي، وذكرنا فيها أن الذي يخرج عند البول في الغالب هو الودي لا المني، ولكن لو كان الذي ينزل منك أثناء قضاء الحاجة منياً فعلاً لمطابقته لصفات المني المذكورة في الفتوى المحال عليها سابقاً، فإنه يأخذ حكم المني النازل باختيار، فيجب عليك الامتناع من الصلاة ومس المصحف وغير ذلك مما تشترط له الطهارة من الحدث الأكبر قبل الاغتسال، وهذا إذا كان نزوله أثناء قضاء الحاجة وانقطاعه بعد ذلك، أما إذا كان يستمر نزوله بحيث لا ينقطع فإنه يصبح سلس مني، وقد اختلف فيه الفقهاء هل ينقض الطهارة أو لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه ينقض الطهارة، وذهب المالكية إلى أنه لا ينقض الطهارة إن استمر نزوله نصف الزمن فأكثر، ولكن يندب الوضوء منه إن لم يشق، فإن شق أو استغرق نزوله كل الزمن فلا يندب، قال الدردير في الشرح الكبير: ونقض بسلس فارق أكثر الزمان ولازم أقله، فإن لازم النصف وأولَى الجُلَّ أو الكل فلا ينقض. وقال أيضاً: وندب الوضوء إن لازم السلس أكثر الزمن، وأولى نصفه لا إن عمه، ومحل الندب في ملازمة الأكثر إن لم يشق؛ لا إن شق. قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وأطلق المصنف في السلس، فيشمل سلس البول والغائط والريح وغيره كالمني والمذي والودي، ولذا قال في التوضيح هذا التقسيم لا يخص حدثاً دون حدث. واختلف القائلون بالنقض هل يلزم الغسل أم يكفي الوضوء؟ فذهب الشافعية إلى لزوم الغسل لكل صلاة، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: أما من دام خروج المني منه فقال صاحب الحاوي والبحر عليه الاغتسال لكل فريضة، قالا: قال الشافعي: وقل من يدوم به خروج المني لأن معه تلف النفس. انتهى. وذهب الحنابلة إلى أنه يجزئه الوضوء، قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف: وإن صار به سلس المني أو المذي أو البول أجزأه الوضوء بكل صلاة. انتهى. وعليه؛ فالأحوط أن تغتسل عند إرادة الصلاة أو قراءة القرآن ونحو ذلك، ولا يضرك ما نزل منك بغير اختيارك بعد ذلك أثناء الصلاة أو القراءة، فإن شق عليك الغسل أجزأك الوضوء فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وما جعل ربنا علينا في الدين من حرج. والله أعلم.