عنوان الفتوى : يجب عليك دفع مثل ما تصرفت فيه من الذهب إلى الورثة
اختلفت مع زميلي، وكان له عندي قدر معين من الذهب والمال فطالبني بالمال، وكدت أحبس لعدم وجود المال معي، فقمت ببيع الذهب الخاص به، وسددت له المال كي أنجي نفسي من السجن، على أن أسدد له فيما بعد ثمن الذهب، فتوفي زميلي، واختلف سعر الذهب، فكيف أسدد له ثمن الذهب؟ هل بالسعر الذي بعت به أم بسعر اليوم؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن ما أقدمت عليه من التصرف في الأمانة التي استؤمنت عليها من غير إذن صاحبها لك بذلك معصية تجب عليك التوبة منها والاستغفار، وذلك لأن الله تعالى عظم شأن الأمانة، وقرن الخيانة فيها بخيانة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال جل شأنه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[الأنفال:27]. والأحاديث في الحض على حفظ الأمانة وعدم الخيانة فيها كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وقد ذكر أهل العلم أنه زيادة على الإثم الحاصل بسبب التعدي، فإن المودَعَ يصبح ضامنًا لما أنفق بمجرد التعدي على الأمانة أو التفريط فيها، وذلك بضمان مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت مقومة يوم أداء الوديعة. قال في بدائع الصنائع: ولو أنفق المودَعُ بعض الوديعة ضمن قدر ما أنفق ولا يضمن الباقي لأنه لم يوجد منه إلا إتلاف قدر ما أنفق، ولو رد مثله فخلطه بالباقي يضمن الكل. اهـ وقال ابن قدامة في المغني: فصل: وإن كان المغصوب من المثليات فتلف وجب رد مثله، فإن فقد المثل وجبت قيمته يوم انقطاع المثل. وقال القاضي: تجب قيمته يوم قبض البدل؛ لأن الواجب المثل إلى حين قبض البدل بدليل أنه لو جد المثل بعد فقده لكان الواجب هو دون القيمة. وقال أبو حنيفة ومالك وأكثر أصحاب الشافعي: تجب قيمته يوم المحاكمة لأن القيمة لم تنتقل إلى ذمته إلا حين حكم بها الحاكم. اهـ فحاصل أنه يجب عليك دفع مثل ما تصرفت فيه من الذهب إلى ورثة زميلك الميت، ولا تدفع لهم ثمن الذهب إلا إذا رضوا بذلك، وكان سيتم التقابض بينك وبينهم في نفس اللحظة التي تم فيها التراضي على الثمن. والله أعلم.