عنوان الفتوى : الإيمان بكتاب الله يقتضي بالضرورة الإيمان بالسنة
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: فإن زميلي يقول لي بأن كل من يؤمن بالقرآن فإنه مسلم بغض النظر عن الإيمان بالسنة الشريفة ولكنني عارضته كيف أقنعه بأنه: - لن يكون إيمانه صحيحا إلا بإيمانه بالسنة الشريفة؟ - ويقول لي بأن له مآخذ على تفسير ابن كثير بأنه كيف عرف صفات النملة التي كلمها سليمان عليه السلام بأنها (عرجاء و...)؟ بشكل رئيسي هذا الشخص يريد أن ينحرف عن الطريق الصحيح وأريد أن ينقذه الله من شيطانه. وشكراً لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن عليك أن تقنعه بكتاب الله تعالى الذي يقول إنه يؤمن به، ففيه يقول الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [لنجم:3-4]. وفيه يقول الله تعالى مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:44]. إذن فبيان الرسول صلى الله عليه وسلم وحي من الله تعالى لأنه بأمر منه سبحانه وتعالى، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم بأقواله وأفعاله وتقريراته، فكانت سنته هي البيان والتطبيق العملي لكتاب الله تعالى. وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65]. وهذا الخطاب أيضاً للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا... [الحشر:7]. والخطاب هنا لجميع من آمن بهذا الكتاب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمن آمن بكتاب الله تعالى لا بد أن يؤمن بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الآيات وما أشبهها تدل بوضوح على وجوب الأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من لم يأخذ بها وزعم أنه يؤمن بكتاب الله تعالى فقد آمن ببعضه وكفر ببعض. وقد وبخ الله في القرآن الكريم قوماً يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض؛ فقال جل وعلا: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:85]. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم -الذي لا ينطق عن الهوى- من الأخذ بالقرآن دون السنة، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوتيت الكتاب ومثله ألا يوشك شبعان على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. وفي رواية: ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله تعالى. وبإمكانك الاطلاع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 6956. وأما تفسير ابن كثير فهو من أهم التفاسير المعتمدة بالمأثور، وإن كان توجد فيه بعض الروايات الإسرائيلية فهي قليلة بالنسبة لغيره، وهذا لا يقلل من أهميته، لأنه دائماً يسند ما روى، ومن أسند فقد برئ من العهدة، ولو افترضنا أن به بعض الأقوال الضعيفة أو الروايات الإسرائيلية، فهذا شأن عمل البشر دائماً فلا ينبغي أن يقلل ذلك من شأن السنة، أو يكون سببا في الصد عنها، ويبقى الكتاب بعد ذلك على رأس لائحة كتب التفسير بالمأثور، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا قول المعصوم صلى الله عليه وسلم، وبإمكانك أن تطلع على الفتوى رقم: 7155. والله أعلم.