عنوان الفتوى : الترهيب من إيذاء الناس ولو أكثر المؤذي من العبادات
ما الحكم في سيدة تصوم النوافل وتصلي كل الفرائض والنوافل وتقوم الليل، ولكن لا يسلم الناس من لسانها وظلمها، وتخرب بيوت أولادها، ولا تحترم زوجاتهم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرء إذا أدى العبادة على وجهها الصحيح مخلصاً فيها ـ لا سيما الصلاة ـ قذف الله في قلبه من نور الإيمان ما يكون حاجزا له عن الفحشاء والمنكر والإساءة إلى عباد الله، فقد قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45}.
وجاء في كتاب الزهد لأبي داود: قَالَ ابن مسعود رضي الله عنه: مَنْ لَمْ تَأْمُرْهُ صَلَاتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَهُ عَنِ الْمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا.
لذلك، فإن على هذه المرأة أن تراجع نفسها وتعلم أن الإحسان كما هو مطلوب في حق الخالق سبحانه وتعالى، فهو مطلوب كذلك في حق عباده، وأن العبادة الصحيحة المقبولة لا بد أن يكون لها أثر في سلوك المسلم بتحليه بأخلاق الإسلام الحميدة والبعد عن الأخلاق الذميمة، ومن المعلوم أن ظلم الناس وتخريب بيوتهم وأذيتهم بغير حق من الفحشاء والمنكر البين، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.
وهو أيضا مما يعرض صاحبه لغضب الله تعالى وعقابه في النار ـ والعياذ بالله ـ فقد روى الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رجل: يا رسول الله؛ إن فلانة يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار، قال: يا رسول الله؛ فإن فلانة يُذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تتصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في الجنة. حسنه الأرناؤوط.
وعلى أولاد هذه المرأة أن يقوموا بواجبهم نحوها بالنصح والدعاء لها ونهيها عن المنكر برفق ولين، فإن ذلك من برها.
والله أعلم.