عنوان الفتوى : القول الشافي في عقيدة ابن سينا
أريد القول الشافي في عقيدة ابن سينا؛ وذلك لأني قد قرأت أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد كفره؛ وقرأت خلاف ذلك في سير أعلام النبلاء، للحافظ شمس الدين الذهبي.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فشيخ الإسلام ابن تيمية، قد تناول بيان حقيقة اعتقاد ابن سينا، وغيره من الفلاسفة، في عدة كتب من كتبه، أهمها: درء التعارض، ومنهاج السنة، وقد ذكرنا خلاصة ذلك في الفتوى رقم: 53754.
وحكم الذهبي على ابن سينا لا يبعد عن ذلك، فقد قال في سير أعلام النبلاء: هو رأس الفلاسفة الإسلامية، لم يأت بعد الفارابي مثله، فالحمد لله على الإسلام، والسنة، وله كتاب (الشفاء)، وغيره، وأشياء لا تحتمل، وقد كفره الغزالي في كتاب (المنقذ من الضلال)، وكفر الفارابي. اهـ.
وقال في تاريخ الإسلام: هو رأس الفلاسفة الإسلاميّين، الذين مشوا خلف العقول، وخالفوا الرسول. اهـ.
وقال في ميزان الاعتدال: ما أعلمه روى شيئًا من العلم، ولو روى لما حلت الرواية عنه؛ لأنه فلسفي النحلة، ضال. اهـ.
وزاد ابن حجر في لسان الميزان: قال ابن أَبِي الدم الحموي الفقيه الشافعي، شارح الوسيط في كتابه الملل والنحل: قد اتفق العلماء على أن ابن سينا كان يقول بقدم العالم، ونفي المعاد الجسماني، ولا ينكر المعاد النفساني. ونقل عنه أنه قال: إن الله لا يعلم الجزئيات بعلم جزئي، بل بعلم كلي. اهـ.
والمقصود أن عقيدة ابن سينا التي تؤخذ من كتبه، فيها كفريات جلية ظاهرة، وأما حاله في الآخرة، وما ختم له به، فعلمه عند الله تعالى.
وقد ذكر ابن خلكان في ترجمته من وفيات الأعيان ما حصل له من مرض في آخر حياته، ونقل عنه أنه قال: المدبر الذي في بدني، قد عجز عن تدبيره، فلا تنفعني المعالجة، ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم مات. اهـ.
والله أعلم.