عنوان الفتوى : حكم انتساب الإنسان إلى قبيلة بالحلف مع عدم الانتفاء من قبيلته الأصلية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

حكم من ينتسب الى قبيلة غير قبيلته لكنه لا ينفي أنه من القبيلة الفلانية أقصد بهذا أني مسجل في الجواز بالقبيلة الفلانية وأنا لست منها لكن إن سألني شخص ممن أنت أقول له قبيلتي الحقيقية مع العلم أن القبيلة في الجواز هي قبيلتين اَي فلان ابن فلان بن (القبيلة الأصلية ) الفلاني (القبيلة التي لست منها كنسل) وبيننا وبين تلك القبيلة مثل حلف وبيننا صلة قرابة و صلة صداقة أقصد كقبيلة ولما سالت أبي عن السبب قال لي انّا عندما تأسست الدولة كان يعتبر الشيخ قبيلتي الأصلية والقبيلة الاخرى قبيلة وحدة وكان يسمينا باسم القبيلة الاخرى وأبقينا اسم قبيلتنا كذلك فإذا ذكرنا يعلم الناس انّا لسنا من القبيلة الاخرى (اقصد بالأخرى التي لست منها) وانّا من قبيلتي الأصلية فهل هذا حرام وماذا ينبغي علي ان افعل

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

الحمد لله

أولا:

لا يجوز للإنسان أن ينتسب لقبيلة غير قبيلته؛ لما روى البخاري (3508) ومسلم (61) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، إِلا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ  .

قال العيني رحمه الله: " قَوْله: (وَمن ادّعى قوما) أَي: وَمن انتسب إِلَى قوم. قَوْله: (لَيْسَ لَهُ فيهم نسب)، أَي: لَيْسَ لهَذَا الْمُدَّعِي فِي هَذَا الْقَوْم نسب، أَي: قرَابَة" انتهى من عمدة القاري (16/ 80).

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (20/ 392): " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل مسلم ومسلمة، أن ينسب إنسانا له أو إلى غيره وهو ليس كذلك، أو يدعي نسبه إلى شخص أو قبيلة وهو كاذب.

ويدل لذلك ما رواه أبو ذر رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب، فليتبوأ مقعده من النار متفق عليه. وفي رواية: إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه " انتهى.

والكفر الوارد في الحديث: هو الكفر الأصغر، لكن هذا يدل على تحريم هذا الفعل، وأنه من أكبر الكبائر.

ثانيا:

إذا انضم الإنسان إلى قبيلة بالحلف أو الولاء، جاز أن ينتسب إليها، وجاز أن ينتسب إلى قبيلته، وأن يجمع بينهما؛ لأن حليف القوم منهم، كما روى الطبراني في الكبير (17/ 12) عن عَمْرِو بْنِ عَوْفِ الْمُزَنِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا مَعَهُمْ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَقَالَ:  ادْخُلُوا عَلَيَّ وَلَا يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ إِلَّا قُرَشِيٌّ  ، فَتَسَلَّلْتُ فَدَخَلْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَيْنَكُمْ أَحَدٌ لَيْسَ مِنْكُمْ؟   قَالُوا: نُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، بِآبَائِنَا أَنْتَ وَأُمَّهَاتِنَا ، مَعَنَا ابْنُ الْأُخْتِ وَالْمَوْلَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  حَلِيفُ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ، وَابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ الحديث، صححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (3156).

وهذا كثير في المتقدمين، تارة يقال: فلان مولاهم، أو حليف بني فلان، وتارة لا يقال ذلك، بل ينسب إليهم دون إشارة للحلف أو الولاء.

ومن أمثلة ذلك:

1-حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، ينسب إلى قريش، بالحلف، وهو من لخم، ولهذا قال: " لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" رواه البخاري (4890).

قال الحافظ ابن حجر: "قوله: كنت امرأ من قريش، أي بالحِلف لقوله بعد ذلك: ولم أكن من أنفسهم.

قوله: كنت امرأً من قريش، ولم أكن من أنفسهم: ليس هذا تناقضا، بل أراد أنه منهم ، بمعنى أنه حليفهم، وقد ثبت حديث: (حليف القوم منهم) وعبر بقوله: ولم أكن من أنفسهم؛ لإثبات المجاز" (8/ 634).

وقال في تهذيب التهذيب (2/ 168): " حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب اللخمي، حليف بني أسد بن عبد العزي" انتهى.

2-المقداد بن عمرو، يقال له: البَهراني، منسوب إلى بهراء من قضاعة، وهو نسبته حقيقة، ويقال له: الكِنْدي.

قال القاضي عياض: "وقد جاء نسبه بالوجهين جميعا في الصحيحين، وكِنْدة وبَهراء: لا يرجع إحداهما إلى الأخرى، وإنما يجتمعان في حِمْيَر ، لمن جعل قضاعة منها ، أو فيما فوق ذلك لمن نسب قضاعة من مَعَدّ .

ولعله ، مع كونه بهرانيا صَليبة ، كنديٌّ بالحلف والجوار" انتهى من مشارق الأنوار، للقاضي عياض (1/ 114).

3-أبو الربيع الزَّهْراني، شيخ مسلم بن الحجاج. يقال له: الزهراني، ويقال له: العَتَكِي.

قال القاضي عياض: " وَذكر مُسلمٌ أَبَا الرّبيع الزهْرَانِي ، وَكَذَا يعرف : بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْهَاء وَبعد الْألف نون وياء النِّسْبَة ، وَنسبه مرّة الْعَتكِي ، وَمرَّة جمع لَهُ النسبين ، وَمرَّة اخْتلف رُوَاته فِي نسبيه هذَيْن ، وهما لَا يَجْتَمِعَانِ ، إِنَّمَا يرجعان إِلَى الأزد ، لأن العتيك وزهران ابْنا عَم ، جدهما عمرَان بن عَمْرو مُزَيْقِياء ، إِلَّا أَن يكون أَصله من أَحدهمَا ، وَله نسب من جوَار أَو حلف من الآخر . وَالله أعلم" انتهى من مشارق الأنوار (1/ 317).

وينظر : "تهذيب التهذيب " لابن حجر ترجمة رقم (322) .

4-خالد بن خلف القرشي، شيخ البخاري. وهو مولى لقريش.

قال البخاري: " حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ خَالِدٍ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ القَمَرَ انْشَقَّ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " خلف" بن خالد القرشي، مولاهم، أبو المهنا المصري. روى عن بكر بن مضر والليث وابن لهيعة. وعنه البخاري" انتهى من تهذيب التهذيب (3/ 150).

فإذا لم ينتف الإنسان من نسبه، وكانت قبيلته الحقيقة معلومة، وانتسب إلى قبيلة أخرى، لولاء أو حلف: فلا حرج.

قال أبو العباس القلقشندي رحمه الله [ت821هـ] في كتابه "قلائد الجُمان في التعريف بقبائل عرب الزمان" ص20:

"الفصل الخامس: في بيان أمور يحتاج الناظر في علم الأنساب إليها...

الرابع: قد ينضم الرجل إلى غير قبيلته، بالحلف والموالاة؛ فينسب إليهم، فيقال: فلان حليف بني فلان، أو مولاهم؛ كما يقال في البخاري: الجُعفي مولاهم، ونحو ذلك.

الخامس: إذا كان الرجل من قبيلة، ثم دخل قبيلة أخرى: جاز أن ينسب إلى قبيلته الأولى، وأن ينسب إلى قبيلته التي دخل فيها، وأن ينسب إلى القبيلتين جميعاً. مثل أن يقال: التميمي ثم الوائلي، أو الوائلي ثم التميمي، وما أشبه ذلك" انتهى.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...