عنوان الفتوى : حسن معاملة بعض النصارى لبعض المسلمين لايوجب زوال الفروق الدينية بينهما
يوجد منشور يقول عندما يذبح المسيحون في مكان كذا، والمسيحيون في فلسطين يستضيفون أطفال غزة من القصف، فلا تقل لي مسيحي أو مسلم، فما رأيكم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتفريق بين المسلم وغيره من أصحاب الملل الأخرى، أمر ضروري في أمر الديانة، للتمييز بين الحق والباطل في ذلك، فالإسلام هو دين الحق الذي لا يقبل من أحد دينٌ سواه، قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ {آل عمران: 19}.
وقال سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران: 85}.
وأما التفريق بين المسلم وغيره في المعاملة، فهذا يختلف باختلاف الأحوال والأحكام، غير أن الأصل أو الغالب هو عدم التفريق بين المسلم والذمي في حقوق الإنصاف والانتصاف، جاء في الموسوعة الفقهية: القاعدة العامة في حقوق أهل الذمة: أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهذه القاعدة جرت على لسان فقهاء الحنفية، وتدل عليها عبارات فقهاء المالكية والشافعية، والحنابلة، ويؤيدها بعض الآثار عن السلف، فقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: إنما قبلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا ـ لكن هذه القاعدة غير مطبقة على إطلاقها، فالذميون ليسوا كالمسلمين في جميع الحقوق والواجبات، وذلك بسبب كفرهم وعدم التزامهم أحكام الإسلام. اهـ.
ومما لا يُفرَّق فيه بين المسلم وغيره: مدح المحسن والثناء عليه بما فعل، بل والحرص على مكافئته ورد الجميل إليه كما أشار إليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن أسرى بدر: لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له. رواه البخاري.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل: إنما خص المطعم بهذا، لأنه لما مات عمه أبو طالب وماتت خديجة خرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة، فأقام بها شهرا ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي، فأحب مكافأته لو أمكن. اهـ.
فلو أن النصارى أغاثوا طائفة من المسلمين واستنقذوهم من الهلاك، لكانوا على ذلك مشكورين، ولَحقَّ على المسلمين ذكرُ هذا الجميل والثناء بهم عليهم ومكافئتهم، ولكن هذا لا يعني زوال الفرق بين الإسلام والنصرانية، فيختلط الحق بالباطل.
والله أعلم.