عنوان الفتوى : معبد الجهني الصحابي غير معبد الجهني المبتدع
هل معبد الجهني صحابي؟ هل أحد من علماء الرجال قال به؟ وهل هناك علاقة بينه وبين ابن سيرين؟ حيث الثاني كان يروي عن الأول، من أي كتب أستطيع أن أعرف سيرة معبد الجهني؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف في معبد بن خالد الجهني هل كان صحابيا أو لا؟ وهل هو شخص واحد أم لا؟.
جاء في إكمال تهذيب الكمال: وقال أبو أحمد العسكري في كتابه «معرفة الصحابة»: معبد بن خالد الجهني، يكنى أبا زغوة، له صحبة، وروى عن أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ مات سنة اثنين وسبعين وهو ابن ثمانين سنة.
وفي «الاستيعاب»: معبد بن خالد الجهني، يكنى أبا زغوة، وفي نسخة: أبو روعة، أسلم قديما، وهو أحد الأربعة الذين حملوا ألوية جهينة يوم الفتح، مات سنة اثنتين وثمانين، وقيل: وهو ابن بضع وثمانين، وقال ابن أبي حاتم: هو غير معبد الجهني الذي أول من تكلم بالقدر، وقال غيره: هو نفسه.
وقال أبو الحسن الدارقطني: لا صحبة له، ويقال إنه أول من تكلم في القدر، وكذا ذكره أبو موسى المديني وغيره. وقال العجلي والمنتجالي: تابعي ثقة، وكان لا يتهم بالكذب.
وقال النسائي في «التمييز»: معبد بن خالد ثقة.
وقال الجوزجاني: كان رأس القدرية.
وفي «المحكم» لابن سيده: قالت أم معبد الجهنية للحسن البصري: أشعرت ابني في الناس، أي جعلته علامة فيهم؛ لأنه عابه بالقدر.
وفي تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لمحمد بن عبد الله الربعي: وفيها (أي: سنة ثنتين وسبعين) مات أبو روعة الجهني واسمه معبد بن خالد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمانين سنة، وقد روى عنه الحديث.
وقد رجح الحافظ ابن حجر العسقلاني أنه كان صحابيا، وأنه غير معبد الجهني المبتدع صاحب العقيدة القدرية الفاسدة.
قال في الإصابة : وقال ابن أبي حاتم وأبو أحمد الحاكم وابن حبان: له صحبة ، وله رواية عن أبي بكر وعمر. قال أبو عمر: هو غير معبد الذي تكلم في القدر. وقيل: هو هو.
قلت: هذا الثاني باطل ؛ فإن القدري وافق هذا الصحابي في اسم أبيه ونسبه، واختلف في اسم أبيه، فقيل: خالد مثل الصحابي، وقيل: عبد الله بن عويم، وقيل: عبد بن عكيم، ومن ثم زعم بعضهم أنه ولد الذي روى حديث (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) وحكى البخاري في التاريخ الصغير أنه معبد بن عبد الرحمن ، فالله أعلم.
ومرويات معبد الجهني الصحابي قليلة، وليس له شيء منها في الكتب الستة.
قال الذهبي: روى عنه: عمرو بن دينار، وغيره، ولا رواية له في شيء من الكتب الستة. (تاريخ الإسلام)
هذا، ولم نقف على علاقة بينه وبين ابن سيرين، كما لم نقف له على ترجمة وافية بتفصيل وإسهاب.
أما معبد الجهني المبتدع فهو أول من قال بالقدر في أواخر عهد الصحابة، وأخذ عنه غيلان الدمشقي، وقد تبرأ منهم من سمع بهم من الصحابة كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك وعبد الله بن أوفى وعقبة بن عامر الجهني وغيرهم.
جاء في صحيح مسلم عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فسألنا عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب… فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وذكر شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف. قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر: لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر.
ولمزيد الفائدة عن معبد الجهني الأخير هذا راجع تاريخ الإسلام للذهبي، وسير أعلام النبلاء، وغيرهما من كتب الرجال والطبقات والتراجم.
والله أعلم.